موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

صفحة جزء
[ ص: 27 ] النوع الثاني فيما يحدث في البدن من الأجزاء وهي ثمانية :

الأول : شعر الرأس ولا بأس بحلقه لمن أراد التنظيف ، ولا بأس بتركه لمن يدهنه ويرجله .

الثاني : شعر الشارب يندب قص ما طال عن الشفة منه ولا بأس بترك السبالين .

الثالث : شعر الإبط تستحب إزالته في كل أربعين يوما فأقل .

الرابع : شعر العانة تستحب إزالته بالحلق أو بالنورة في المدة المتقدمة .

الخامس : الأظفار وتقليمها مستحب لشناعة صورتها إذا طالت ولما يجتمع فيها من الوسخ وليس في ترتيب قلمها مروي صحيح .

السادس والسابع : زيادة السرة وقلفة الحشفة ، أما السرة فتقطع في أول الولادة ، وأما التطهير بالختان فلا بأس به في اليوم السابع من الولادة ، وإن خيف منه خطر فالأولى تأخيره .

الثامن : ما طال من اللحية . روي عن بعض الصحابة والتابعين أخذ ما زاد عن القبضة ، وقال آخرون : " تركها عافية أحب " ، والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى الطول المفرط فإنه قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبز إليه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية . وفي اللحية عشر خصال مكروهة وبعضها أشد كراهة من بعض : خضابها بالسواد ، وتبييضها بالكبريت ، ونتفها ونتف الشيب منها ، والنقصان والزيادة فيها ، وتسريحها تصنعا لأجل الرياء ، وتركها شعثة إظهارا للزهد ، والنظر إلى سوادها عجبا للشباب وإلى بياضها تكبرا بعلو السن ، وخضابها بالحمرة من غير نية تشبها بالصالحين . فأما الخضاب بالسواد فقد روي فيه نهي لأنه قد يفضي إلى الغرور والتلبيس ، وأما تبييضها بالكبريت فقد يكون استعجالا لإظهار علو السن توصلا إلى التوقير وترفعا عن الشباب وإظهارا لكثرة العلم ، ظنا بأن كثرة الأيام تعطيه فضلا وهيهات ، فلا يزيد كبر السن الجاهل إلا جهلا ، فالعلم ثمرة العقل وهي غريزة ولا يؤثر الشيب فيها ، ومن كانت غريزته الحمق فطول المدة يؤكد حماقته ، وقد كان الشيوخ يقدمون الشباب بالعلم ، كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقدم " ابن عباس " وهو حديث السن على أكابر الصحابة ويسأله دونهم ، وقال " ابن عباس " - رضي الله عنه - : ما أتى الله - عز وجل - عبده علما إلا شابا ، والخير كله في الشباب ، ثم تلا قوله عز وجل : ( قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ) [ الأنبياء : 60 ] وقوله تعالى : ( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ) [ الكهف : 13 ] وقوله تعالى : ( وآتيناه الحكم صبيا ) [ مريم : 12 ] وقال " أيوب السختياني " : أدركت الشيخ ابن ثمانين سنة يتبع [ ص: 28 ] الغلام يتعلم منه ، وقيل " لأبي عمرو بن العلاء " أيحسن من الشيخ أن يتعلم من الصغير ؟ فقال : " إن كان الجهل يقبح به فالتعلم يحسن به " .

التالي السابق


الخدمات العلمية