موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

صفحة جزء
فضيلة التعليم :

أما الآيات فقوله عز وجل : ( ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) [ ص: 15 ] [ التوبة : 122 ] والمراد هو التعليم والإرشاد ، وقوله تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) [ آل عمران : 187 ] وهو إيجاب للتعليم ، وقوله تعالى : ( وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ) [ البقرة : 146 ] وهو تحريم للكتمان ، كما قال تعالى في الشهادة : ( ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) [ البقرة : 283 ] وقال تعالى : ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا ) [ فصلت : 33 ] وقال تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) [ النحل : 125 ] وقال تعالى : ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) [ البقرة : 129 ، آل عمران : 164 ، والجمعة : 2 ] وأما الأخبار فقوله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن : " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها " وقال صلى الله عليه وسلم : " من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار " وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله سبحانه وملائكته وأهل سمواته وأرضه حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير " وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " وقال صلى الله عليه وسلم : " الدال على الخير كفاعله " وقال صلى الله عليه وسلم " رحمة الله على خلفائي ، قيل ومن خلفاؤك ، قال " الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله " .

ومن الآثار ما روي عن معاذ أنه قال : " تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه من لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، وهو الأنيس في الوحدة ، والصاحب في الخلوة ، والدليل على الدين ، والمصبر على البأساء والضراء ، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة سادة هداة يقتدى بهم ، أدلة في الخير ، تقتص آثارهم ، وترمق أفعالهم ، يبلغ العبد به منازل الأبرار والدرجات العلى ; والتفكر فيه يعدل بالصيام ، [ ص: 16 ] ومدارسته بالقيام ، به يطاع الله عز وجل ، وبه يعبد ، وبه يوحد ويمجد ، وبه يتورع ، وبه توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال ، وهو إمام والعمل تابعه ، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء " . وقال الحسن - رحمه الله - : " لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم " أي : إنهم بالتعلم يخرجون الناس من حد البهيمة إلى حد الإنسانية .

التالي السابق


الخدمات العلمية