حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وندب ) للمستنجي ( جمع ماء وحجر ) وما في معناه من كل ما يجوز الاستجمار به مما يأتي لإزالتهما العين [ ص: 111 ] والأثر مع عدم ملاقاة النجاسة بيده فيقدم الحجر ثم يتبعه بالماء ( ثم ) ندب عند إرادة الاقتصار على أحدهما ( ماء ) لأنه أنقى للمحل ، فإن اقتصر على الحجر أو ما في معناه أجزأ في غير ما تعين فيه الماء ( وتعين ) الماء ولا يكفي الحجر ( في مني ) خرج بلذة معتادة وكان فرضه التيمم لمرض أو لعدم ماء يكفي غسله أو بلذة غير معتادة أو على وجه السلس وكان يأتي يوما ويفارق يوما فأكثر أما إذا كان يأتي كل يوم ولو مرة فلا يتعين فيه ماء ولا حجر لما تقدم في المعفوات ووقع للشراح هنا سهو ظاهر وإما صحيح وجد من الماء ما يكفي غسله ونزل المني بلذة معتادة فيجب عليه غسل جميع الجسد يرتفع حدثه وخبثه ( و ) تعين الماء في ( حيض ونفاس ) ويجري فيهما ما جرى في المني ( و ) في ( بول امرأة ) بكرا أو ثيبا لتعديه منها مخرجه إلى جهة المقعدة غالبا إن لم يكن سلسا وإلا لم يتعين فيه ماء ولا حجر إن كان يأتي كل يوم مرة فأكثر [ ص: 112 ] ( و ) يتعين الماء في حدث بول أو غائط ( منتشر عن مخرج ) انتشارا ( كثيرا ) وهو ما زاد على ما جرت العادة بتلويثه كأن ينتهي إلى الألية أو يعم جميع الحشفة أو جلها ( و ) تعين في ( مذي ) خرج بلذة معتادة وإلا كفى فيه الحجر ما لم يكن سلسا لازم كل يوم ولو مرة وإلا عفي عنه كما تقدم هذا هو التحقيق ( بغسل ) أي مع وجوب غسل ( ذكره كله ) لا محل الأذى خاصة خلافا للعراقيين وإذا قلنا بغسل كله ( ففي ) وجوب ( النية ) بناء على أنه تعبد في النفس وهو الصحيح فكان ينبغي له الاقتصار عليه ، وعدم وجوبها بناء على أنه غير تعبد بل لإزالة النجاسة وإن كان فيه نوع من التعبد وإلا لاقتصر على محل الأذى خاصة قولان ( و ) في ( بطلان صلاة تاركها ) أي النية مع غسل جميع الذكر وعدم بطلانها لأنه واجب غير شرط وهو الراجح قولان ( أو ) بطلان صلاة ( تارك ) غسل ( كله ) أي وغسل بعضه ولو محل الأذى خاصة بنية أو لا وعدم البطلان ( قولان ) مستويان في هذا الفرع ، وقد حذفه من الأولين لدلالة الثالث عليه وعلم أنه إذا لم يغسل منه شيئا فالبطلان قطعا كما أنه إذا غسله كله بنية فالصحة اتفاقا وإذا قلنا بالصحة فيجب تكميل غسله فيما يستقبل وفي إعادتها في الوقت قولان وينوي رفع الحدث عن ذكره ولا نية على المرأة في مذيها على الأظهر


( قوله : من كل ما يجوز الاستجمار به ) أي مع الاقتصار عليه وهو اليابس الطاهر المنقي غير المؤذي وغير المحترم ، وأما ما لا [ ص: 111 ] يباح الاستجمار به فليس له هذا الحكم يعني لا يكون جمعه مع الماء أفضل من الماء وحده كذا في عبق وفيه نظر ; لأنه إذا كان جمعه مع الماء جائزا كما نقله ح عن زروق فالظاهر أن يكون أفضل من الماء وحده ; لأنه أبلغ منه وحينئذ فإطلاق الندب أولى ا هـ بن ( قوله : والأثر ) أي الحكم ( قوله : فيقدم الحجر إلخ ) أي لأنه يقدم الحجر إلخ فهو علة لعدم ملاقاة النجاسة ليده ( قوله : لأنه أنقى للمحل ) أي لإزالته العين والحكم اتفاقا ( قوله : فإن اقتصر على الحجر أو ما في معناه أجزأ إلخ ) وهل يكون المحل طاهرا لرفع الحكم والعين عنه وهو ظاهر التوضيح ، وظاهر الطراز أن الحجر عند الاقتصار عليه لا يرفع الحكم وأن المحل نجس معفو عنه انظر ح ( قوله : : وتعين الماء في مني إلخ ) اعترض عليه بأن المني والحيض والنفاس يتعين فيها غسل جميع الجسد ولا يتوهم فيها كفاية الاستجمار بالأحجار وحينئذ فلا حاجة للنص على تعين الماء فيها وعدم كفاية الأحجار وحاصل ما أجاب به الشارح أن الكلام مفروض في حق من فرضه التيمم لمرض أو لعدم ماء يكفي غسله ومعه من الماء ما يزيل به النجاسة فيقال لمن خرج منه المني لا بد من غسل الذكر أو الفرج بالماء ويقال للمرأة لا بد من غسل الدم الداخل في الفرج بالماء واعلم أنه حيث تعين الماء في المني فلا يجب غسل الذكر كله خلافا للشيخ بركات الحطاب أخي الشيخ محمد الحطاب شارح المتن وتلميذه ( قوله : أو لعدم ماء يكفي غسله ) أي ومعه من الماء ما يزيل به النجاسة ( قوله : أو بلذة غير معتادة ) أي فهذا إنما يوجب الوضوء لا الغسل لكن لا بد من غسل الذكر بالماء مع الوضوء ( قوله : ويفارق يوما فأكثر ) أي لأنه في هذه الحالة لا يعفى عنه ويوجب الوضوء ( قوله : لما تقدم في المعفوات ) أي من أن حدث المستنكح إذا أتى كل يوم ولو مرة ، فإنه يعفى عن إزالته مطلقا أوجب الوضوء بأن فارق أكثر الزمن أم لا ( قوله : ووقع للشراح هنا سهو ظاهر ) حيث قالوا مني صاحب السلس يكفيه الحجر كالبول والحصى والدود ببلة فقولهم يكفيه الحجر فيه نظر ; لأن الخارج على وجه السلس إن أتى يوما وفارق يوما تعين فيه الماء وإن أتى كل يوم فلا يطلب فيه حجر ولا غيره ( قوله : ويجري فيهما ما جرى في المني ) أي فيحملان على من انقطع حيضها أو نفاسها وفرضها التيمم لمرض أو لعدم ماء يكفي غسلها ومعها من الماء ما تزيل به النجاسة فلا بد في غسل الدم من فرجها من الماء ولا يكفي فيه الحجر ( قوله : وفي بول امرأة ) مثل بولها بول الخصي أي مقطوع الذكر قطعت أنثياه أيضا أم لا ومثله أيضا مني الرجل إذا خرج من فرج المرأة بعد غسلها فهو كبولها لا يكفي فيه الحجر ومثله أيضا البول الخارج من الثقبة إذا انسد المخرجان على الظاهر ; لأنه منتشر فيتعين فيه الماء ولا يكفي فيه الأحجار وأفهم قوله بول أن حكمها في الغائط حكم الرجل وتغسل المرأة سواء كانت ثيبا أو بكرا كل ما ظهر من فرجها حال جلوسها .

وأما قول عبق وتغسل المرأة ما ظهر من فرجها والبكر ما دون العذرة ففيه نظر إذ التفرقة بين الثيب والبكر إنما هي في الحيض خاصة كما ذكره صاحب الطراز واختار في البول تساويهما ; لأن مخرج البول قبل البكارة والثيوبة بخلاف الحيض انظر ح ولا تدخل المرأة يدها بين شفريها كفعل اللواتي لا دين لهن وكذا يحرم إدخال أصبع بدبر رجل أو امرأة إلا أن يتعين لزوال الخبث كما في المج ولا يقال الحقنة مكروهة ; لأنا نقول فرق بينهما ، فإن الحقنة شأنها تفعل للتداوي ( قوله : غالبا ) أي ومن غير الغالب عدم تعدي بولها لجهة المقعدة وعدم انتشاره وهذا يشير إلى أن هذا الحكم وهو تعين الماء لبول المرأة ثابت مطلقا حصل فيه انتشار أم لا إلحاقا لغير الغالب بالغالب [ ص: 112 ] قوله : ومنتشر ) أي فيتعين الماء في هذا الحدث كله لا في المنتشر فقط خلافا لما يتبادر من كلام المصنف والحاصل أنه يغسل الكل ولا يقتصر على ما جاوز المعتاد ; لأنهم قد يغتفرون الشيء منفردا دونه مجتمعا مع غيره قاله شيخنا وقالت الحنفية : يغسل المنتشر الزائد على ما جرت العادة بتلويثه ويعفى عن المعتاد والحاصل أنهم يقولون ما بقي من الفضلة على فم المخرج بعد قضاء الحاجة إن كان غير زائد على المعتاد يعفى عنه وإن كان منتشرا كثيرا غسل الزائد على ما جرت العادة بتلويثه وعفي عن المعتاد .

( قوله : وإلا كفى فيه الحجر ) أي وإلا بأن خرج بلا لذة أصلا لكن صار يأتي يوما ويفارق يوما فأكثر أو خرج بلذة غير معتادة كهز دابة مثلا كفى فيه الحجر ( وإلا عفي عنه ) أي ولا يطلب في إزالته حجر ولا ماء ( قوله : هذا هو التحقيق ) أي وأما ما في خش وغيره من أن ما خرج بغير لذة معتادة من المني أو من المذي إن لم يوجب الوضوء بأن لازم كل الزمان أو جله أو نصفه كفى فيه الحجر وإن أوجب الوضوء لملازمته أقل الزمان تعين فيه الماء ففيه نظر و الحق أنه متى أتى كل يوم على وجه السلس لا يطلب في إزالته ماء ولا حجر وعفي عنه لازم كل الزمان أو جله أو نصفه أو أقله بل ولو أتى مرة واحدة ( قوله : بغسل ذكره كله ) اعلم أن غسل الذكر من المذي وقع فيه خلاف قيل : إنه معلل بقطع المادة وإزالة النجاسة وقيل : إنه تعبد والمعتمد الثاني وعلى القولين يتفرع خلاف هل الواجب غسل بعضه أو كله والمعتمد الثاني ويتفرع أيضا هل تجب النية في غسله أو لا تجب فعلى القول بالتعبد تجب وعلى القول بأنه معلل لا تجب والمعتمد وجوبها ثم إنه على القول بوجوب النية إذا غسل كله بلا نية وصلى هل تبطل صلاته لتركه الأمر الواجب وهو النية أو لا قولان والمعتمد الصحة ; لأن النية واجبة غير شرط ومراعاة للقول بعدم وجوبها وأن الغسل معلل وعلى القول بوجوب غسله كله لو غسل بعضه بنية أو بدونها وصلى هل تبطل صلاته أو لا تبطل قولان على حد سواء والقول بعدم البطلان مراعاة لمن قال : إنما يجب غسل بعضه وعلى القول بصحة الصلاة فهل تعاد في الوقت ندبا أو لا يطلب بإعادتها قولان هذا محصل ما في المسألة ( قوله : وفي بطلان صلاة تاركها إلخ ) هذان القولان اللذان في هذا الفرع مرتبان على القولين في الفرع الذي قبله فالذي يقول هنا بالبطلان بناه على وجوب النية والذي يقول بعدم البطلان بناه على عدم وجوبها قاله في التوضيح وذكر بعضهم أن هذا الخلاف مبني على القول بوجوب النية وهو ما ذكرناه سابقا وإليه يشير كلام الشارح وكلاهما صحيح ( قوله : وعلم أنه إذا لم يغسل منه شيئا ) أي واقتصر على الاستجمار بالأحجار ( قوله : فالصحة اتفاقا ) أي وأما إذا غسله كله بلا نية وصلى فقولان والمعتمد الصحة وإن غسل بعضه بنية أو بدونها وصلى فقولان على حد سواء فالأحوال أربعة الصحة اتفاقا في حالة والبطلان اتفاقا في حالة والخلاف في حالتين ( قوله : وإذا قلنا بالصحة ) أي فيما إذا غسل بعضه بنية أو بدونها ( قوله : فيجب تكميل غسله فيما يستقبل ) أي فإن لم يكمل لما يستقبل وصلى به في المستقبل بدون تكميل ففي صحة تلك الصلاة وبطلانها قولان على حد سواء ( قوله : وينوي ) أي من خرج منه المذي عند غسل ذكره أو من أراد تكميل غسل ذكره ( قوله : ولا نية على المرأة في مذيها ) أي وتغسل محل الأذى فقط وقوله على الأظهر أي خلافا لما في خش من استظهاره افتقار غسلها المذي لنية . ما ذكره شارحنا من أن المرأة تغسل محل الأذى فقط بلا نية هو المعتمد كما في عج .

التالي السابق


الخدمات العلمية