حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) حرم ( عليهما ) أي الرجل والمرأة بالإحرام ( دهن ) شعر ( اللحية والرأس ) ولو بدهن غير مطيب لما فيه من الزينة ( وإن ) كان الرأس ( صلعا ) إن قرئ بوزن حمراء لزم وصف المذكر بالمؤنث ، وإن قرئ بوزن غصن جمعا لأصلع ورد وصف المفرد بالجمع ، والجواب اختيار الثاني ويراد بالرأس الجنس ، أو يقرأ مصدرا بوزن جمل أي ذا صلع أي منحسر الشعر من المقدم .

( و ) حرم عليهما ( إبانة ظفر ) لغير عذر فهو مفهوم قوله آنفا انكسر ( أو ) إزالة ( شعر ) وإن قل بنتف ، أو حلق ، أو قص ( أو وسخ ) إلا ما تحت الظفر ( إلا غسل يديه ) من وسخ ( بمزيله ) أي الوسخ فلا يحرم إن لم يكن المزيل مطيبا ( و ) إلا ( تساقط شعر ) من لحيته مثلا ( لوضوء ) أو غسل ولو مندوبين ولا شيء عليه إن قتل قملا مثلا في الواجبين كالمندوبين على ما يظهر لأنهما مطلوبان ( أو ركوب ) كأن حلق الإكاف مثلا ساقه فلا شيء عليه ( و ) حرم عليهما ( دهن الجسد ) لغير ضرورة والمراد به ما عدا بطن الكف والقدمين بدليل قوله ( ككف ورجل ) أي باطنهما وأما ظاهرهما فداخل في الجسد ، وإنما نص عليهما دفعا لتوهم أنهما مظنة الترخيص ( بمطيب ) [ ص: 61 ] راجع للجسد وما بعده وهو متعلق بمقدر أي وافتدى في دهنها بمطيب مطلقا ( أو ) بغير مطيب ( لغير علة ) بل للتزين ( و ) بغير مطيب ( لها ) أي للعلة أي الضرورة من شقوق ، أو مرض ، أو قوة عمل ( قولان ) بالفدية وعدمها لكن في الجسد لا في باطن الكف والرجل وأما هما فلا فدية اتفاقا ( اختصرت ) المدونة ( عليهما ) أي على القولين .

والحاصل أنه إن دهن ما ذكر بمطيب مطلقا ، أو بغير مطيب لا لعلة افتدى وأما بغير مطيب لعلة ففي باطن الكف والقدم لا فدية ، وفي الجسد قولان فلو عبر المصنف بمثل هذا لأفاد المراد .


( قوله : وحرم عليهما دهن شعر اللحية والرأس ) قدر " شعر " ; لأن دهن بشرتهما داخل في قوله " ودهن الجسد " فغاير الشارح بين المحلين . ( قوله : شعر اللحية ) أي إن وجد للمرأة لحية . ( قوله : وإن صلعا ) أي هذا إذا كان ذلك الرأس غير أصلع بأن كان شعره نابتا من مقدمه لمؤخره بل ، وإن كان ذا صلع انحسر الشعر عن مقدمه . ( قوله : وإبانة ظفر لغير عذر ) فإن فعل فسيأتي أن فيه حفنة إن لم يكن لإماطة الأذى ، وإلا ففدية وهذا في ظفر نفسه وأما تقليم ظفر غيره فلغو . ( قوله : أو قص ) أي أو قرض بأسنان لكن إن كان شيئا يسيرا أطعم حفنة من طعام وإن كان كثيرا بأن زاد على عشرة فإنه يفتدي كما يأتي . ( قوله : أو وسخ ) أي يحرم على المحرم رجلا ، أو امرأة إزالة الوسخ عنه ; لأن المقصود أن يكون شعثا فإن أزال الوسخ لزمه فدية . ( قوله : إلا ما تحت الظفر ) أي من الوسخ فإنه لا تحرم إزالته ولا فدية فيه كما رواه ابن نافع عن مالك وحينئذ فيقيد كلام المصنف بما عدا تحت الأظفار . ( قوله : إن لم يكن المزيل مطيبا ) أي كالأشنان والغاسول والصابون ومفهومه أنه لو كان المزيل مطيبا فإنه يحرم غسل اليدين به وفيه الفدية وذلك كالرياحين إذا جففت وطحنت لأجل غسل اليد بها . ( قوله : ولو مندوبين ) أي هذا إذا كان الوضوء والغسل واجبين بل ولو مندوبين ، ومراده بالمندوب من الغسل ما يشمل السنة وظاهره أن [ ص: 61 ] تساقط الشعر للوضوء ، أو الغسل المباح كالذي يفعل للتبرد لا يغتفر وليس كذلك نعم إن قتل فيه قملا كثيرا افتدى ، وإن قتل قليلا كعشرة فأقل لزمه قبضة واحدة من الطعام في الجميع . ( قوله : وما بعده ) أي باطن الكف والرجل . ( قوله : أي وافتدى في دهنها بمطيب ) أي سواء كان الإدهان لعذر ، أو لغير عذر سواء كان الإدهان لكل الجسد ، أو لبعضه أو لباطن الكف أو الرجل كلا ، أو بعضا ، وبجعل قوله : بمطيب متعلقا بالمقدار المذكور لا بقوله وحرم دهن الجسد ككف ورجل يندفع ما يقال : إن كلام المصنف هنا يخالف قوله الآتي ولم يأثم إن فعل لعذر ; لأن الكلام هنا في الفدية وعدمها لا في الحرمة وعدمها .

وحاصل فقه المسألة أن الجسد وباطن الكف والرجل يحرم دهن كل واحد منها كلا أو بعضا إن كان لغير علة ، وإلا فلا حرمة وأما الفدية فإن كان الدهن مطيبا افتدى مطلقا كان الإدهان لعلة أو لا ، وإن كان غير مطيب إن كان لغير علة افتدى أيضا ، وإن كان لعلة فقولان . ( قوله : بل للتزين ) أي والتحسين سواء كان الإدهان لكل الجسد ، أو بعضه ، أو لباطن الكف ، أو الرجل كلا أو بعضا . ( قوله : لكن في الجسد ) أي لكن القولان في دهن ظاهر الجسد بغير مطيب لعلة . ( قوله : وأما هما ) أي وأما باطن الكف والرجل إذا دهنهما بغير مطيب لعلة فلا فدية اتفاقا . ( قوله : فلا فدية اتفاقا ) أي خلافا لظاهر المصنف من جريان الخلاف فيهما كظاهر الجسد . ( قوله : اختصرت عليهما ) أي فالبراذعي اختصرها على عدم الوجوب وابن أبي زمنين اختصرها على وجوب الفدية . ( قوله : إن دهن ما يذكر ) أي من الجسد ، أو باطن الكف أو الرجل وقوله : مطلقا أي لعلة ، أو غيرها إن كان الإدهان لكل ما ذكر أو لبعضه . ( قوله : فلو عبر المصنف بمثل هذا ) أي بأن قال وافتدى في دهن الجسد ولو بعضا كبعض بطن كف ، أو رجل بمطيب مطلقا كبغيره لغير علة لا لها ببطن كفيه ورجليه وفي جسده قولان .

التالي السابق


الخدمات العلمية