حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) جاز ( له فيه ) أي في الهدي ( إذا بيع ) لتعذر إرساله ( الإبدال بالأفضل ) دون الأدنى بأن يشتري بقرا أو إبلا بدل غنم ( وإن كان ) المنذور هدية مما لا يهدى ( كثوب ) وعبد ( بيع ) واشتري بثمنه هدي ( وكره بعثه ) لما فيه إيهام تغيير سنة الهدي ( وأهدي به ) بالبناء للمجهول ليشمل رب الثوب وغيره ، وهو راجع للصورتين قبله أي بيع وأهدي به ، وكره بعثه أي فإن بعثه بيع وأهدي به ثم إن ما ذكره من أن ما لا يهدى يباع ، ويبعث ثمنه ليشترى به هدي هو مذهب المدونة هنا ، وهو يقتضي وجوب البيع وظاهرها في كتاب الحج وموضع آخر من النذور جواز تقويمه على نفسه وإخراج قيمته ، وهو مذهب العتبية ، وإلى كون ما في حجها مع العتبية ، وما فيها هنا متخالفين أو متوافقين أشار بقوله ( وهل اختلف ) قول مالك فيهما أي هل حمل ما فيهما على الخلاف ، وكأن قائلا قال له ، وفي أي شيء اختلف فقال ( هل يقومه ) على نفسه كما في المدونة والعتبية ( أو لا ) يقومه بل يبيعه كما في المدونة هنا ( أو لا ) اختلاف بل بينهما وفاق بأن يبيعه ( ندبا ) لا وجوبا ، وما في العتبية من الجواز لا ينافي الندب .

( أو ) التقويم الواقع في العتبية محله ( إذا كان بيمين ) حنث فيها إذ الحالف لا يقصد قربة والبيع الذي في المدونة فيما إذا التزم بغير يمين فهو قاصد القربة ( تأويلات ) ثلاث واحد بالاختلاف واثنان بالوفاق ، ولو قال بعد قوله : وكره بعثه وفيها أيضا مع العتبية له تقويمه على نفسه ، وهل خلاف أو لا فيباع ندبا أو عند انتفاء اليمين تأويلات لكان أوضح ( فإن عجز ) أي قصر ثمن الهدي الذي لا يصل أو ما لا يهدى عن هدي أعلى ( عوض الأدنى ) بأن يشتري به شاة إن أمكن ( ثم ) إن قصر عن الأدنى دفع ثمن الهدي الذي لا يصل أو ما لا يهدى ( لخزنة الكعبة ) جمع خازن أي خدمتها ، وهم بنو شيبة ( يصرف فيها ) أي يصرفونه في مصالحها ( إن احتاجت ، وإلا ) بأن لم تحتج ( تصدق به ) الناذر أو غيره حيث شاء لخزنة الكعبة أو غيرهم ثم أشار إلى مسألة ليست من النذر استطرادا ، وكأنه جواب عن سؤال تقديره هل يجوز أن يشركهم في خدمتها غيرهم فقال ( وأعظم ) أي استعظم ومنع ( مالك ) رضي الله عنه ( أن يشرك ) بفتح التحتية والراء المهملة ( معهم غيرهم ; لأنها ) أي خدمة الكعبة ( ولاية منه عليه الصلاة والسلام و ) لزم ( المشي لمسجد مكة ) لحنث يمين أو نذر في حج أو عمرة بل .


( قوله : وجاز له فيه ) أي في الهدي سواء كان سليما أو معيبا إذا بيع لتعذر إرساله الإبدال بالأفضل أي بنوع أفضل من نوعه ، وهذا بخلاف ما إذا قال فرسي أو سيفي في سبيل الله وتعذر إرساله لمحل الجهاد فإنه يباع هنا ، ويعوض بثمنه في محله مثله من خيل أو سلاح ، ولا يجوز أن يعوض به من غير جنسه والفرق أن المطلوب في الهدي شيء واحد ، وهو اللحم توسعة للفقراء ولحم الإبل أكثر بخلاف منفعة الفرس والسلاح فإنهما متنافيان ، وما ذكره المصنف من جواز الإبدال بالأفضل هو ما صححه ابن الحاجب وقال ابن بشير يتعين الشراء من نوع الأول ، ولا يخالف إلى الأفضل ( قوله : دون الأدنى ) أي فلا يجوز ما لم يعجز الثمن عن شراء هدي من نوع الأول ، ومن الأفضل منه ، وإلا اشترى هديا أدنى من الأول في الجنس فإن قصر الثمن عن شراء الأدنى دفع لخزنة الكعبة يصرفونها في مصالحها إن احتاجت ، وإلا تصدق به في أي محل كان كما سيأتي . ( قوله : بأن يشتري بقرا أو إبلا بدل غنم ) هذا تصوير للإبدال بالأفضل إشارة إلى أن المراد الأفضلية من حيث النوع .

( قوله : كثوب ، وعبد ) بأن قال ثوبي أو عبدي هدي ( قوله : وإخراج قيمته ) أي ليشترى بها هدي ( قوله أو ما لا يهدى ) أي أو قصر ثمن ما لا يهدى وقوله عوض الأدنى أي عوض بالأدنى ( قوله : ثم لخزنة الكعبة ) هذا قول مالك في المدونة ابن الحاجب ، فإن قصر عن التعويض فقال ابن القاسم يتصدق به حيث شاء ، وفيها أيضا يبعثه لخزنة الكعبة ينفق عليها وقيل يختص أهل الحرم بالثمن ا هـ وهذا الثالث قول أصبغ ، وهو موافق لابن القاسم في أنه يتصدق به ابتداء لكن خالفه في تخصيصه الصدقة بمساكين مكة والمصنف لم يتبع قول ابن القاسم ، ولا أصبغ وإنما تبع قول مالك ، وقيده ابن المواز بقوله إن احتاجت ( قوله أن يشرك معهم غيرهم ) أي في خدمتها والقيام بمصالحها والتصرف فيها والحكم عليها ، وأما نزعها منهم بالكلية فقد نص الحديث على منعه ( قوله : لأنها ) أي خدمتهم إياها ولاية أي بتولية وتمكين منه عليه الصلاة والسلام ، وذلك لأن { النبي صلى الله عليه وسلم أعطى مفاتيحها لجدهم عبد الله بن طلحة ، وقال لا ينزع هذا المفتاح منكم يا بني عبد الدار إلا ظالم } ونص الإمام على منع التشريك لئلا يتوهم أن الممنوع إنما هو نزعها منهم بالكلية . ( تنبيه ) أجمع العلماء على حرمة أخذ خدمة الكعبة أجرة على فتحها لدخول الناس خلافا لما يعتقده بعض الجهلة من أنه ولاية عليهم ، وأنهم يفعلون بالبيت ما شاءوا قاله ح ( قوله : في حج أو عمرة ) متعلق بالمشي أي لزم المشي في حج أو عمرة لمن نذر المشي لمسجد مكة أو حلف به وحنث ، وهذا إذا نذر [ ص: 166 ] المشي أو حلف به لذلك بل ، ولو نذره أو حلف به لصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية