صفحة جزء
38 - الأخبار المأثورة في الاطلاء بالنورة .

مسألة : ما قولكم في الاطلاء بالنورة ، هل هو سنة مأثورة عن الشارع أم لا ؟ وهل الأحاديث الواردة في ذلك ثابتة أم لا ؟ كحديث أم سلمة الذي أخرجه ابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا طلى بدأ بعورته بالنورة وسائر جسده كله ، وحديث عائشة الذي أخرجه الإمام أحمد قالت : " اطلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنورة ، فلما فرغ منها قال : يا معشر المسلمين ، عليكم بالنورة ؛ فإنها طيبة وطهور ، وإن الله يذهب بها عنكم أوساخكم وأشعاركم " فإن قلتم بأن ذلك ثابت ، فما الجمع بينه وبين ما أخرجه أبو حاتم عن أنس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتنور ، فإذا كثر شعره حلقه ؟ وقول الشيخ محيي الدين النووي في فتاويه : لم يثبت في ذلك شيء ؟

الجواب : الحمد لله ، قد وردت الأحاديث والآثار مرفوعة وموقوفة ومقطوعة ، موصولة ومرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين باستعمال النورة ، فهي مباحة غير مكروهة ، وهل يطلق عليها سنة ؟ محل توقف ; لأن السنة تحتاج إلى ثبوت الأمر بها كحلق العانة ونتف الإبط وقص الشارب وقلم الأظفار ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان دليلا على السنة ، فقد يقال هنا : إن هذا من الأمور العادية التي لا يدل فعله لها على السنية ، وقد يقال : إنه إنما فعل ذلك لبيان الجواز [ ص: 404 ] كسائر المباحات التي فعلها ولم توصف بأنها سنة ، وقد يقال : إنها سنة ; لما فيه من الاقتداء ، وقد يقال فيها بالاستحباب بناء على أن المستحب أخف مرتبة من السنة ، ومحل هذا كله ما لم يقصد المتنور اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله ، أما إذا قصد ذلك فلا ريب في أنه مأجور وآت بسنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية