صفحة جزء
حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا موسى بن هارون الحافظ ، ثنا أبو الربيع ، وداود بن رشيد ، قالا : ثنا بقية ، ثنا بجير بن سعيد ، عن خالد بن معدان ، حدثني يزيد بن مرثد الهمداني أبو عثمان ، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول : ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضى بالقدر ، والإخلاص في التوكل ، والاستسلام للرب عز وجل .

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا عبد الله بن صالح ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، قال : بلغني أن أبا الدرداء كتب إلى أخ له : أما بعد ، فلست في شيء من أمر الدنيا إلا وقد كان له أهل قبلك ، وهو صائر له أهل بعدك ، وليس لك منه إلا ما قدمت لنفسك ، فآثرها على المصلح من ولدك ، فإنك تقدم على من لا يعذرك ، وتجمع لمن لا يحمدك ، وإنما تجمع لواحد من اثنين : إما عامل فيه بطاعة الله فيسعد بما شقيت به ، وإما عامل فيه بمعصية الله فتشقى بما جمعت له ، وليس والله واحد منهما بأهل أن تبرد له على ظهرك ، ولا تؤثره على نفسك ، ارج لمن مضى منهم رحمة الله ، وثق لمن بقي منهم رزق الله ، والسلام .

حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا صفوان بن عمرو ، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، قال الوليد : وحدثنا ثور ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، قال : لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض ، [ ص: 217 ] ورأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي . فقلت : يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ؟ قال : ويحك يا جبير ، ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره ، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا الوليد بن جابر ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن أم الدرداء أن أبا الدرداء لما احتضر جعل يقول : من يعمل لمثل يومي هذا ؟ من يعمل لمثل ساعتي هذه ؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا ؟ ثم يقول : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا معمر بن سليمان الرقي ، ثنا فرات بن سليمان أن أبا الدرداء كان يقول : ويل لكل جماع فاغر فاه كأنه مجنون ، يرى ما عند الناس ولا يرى ما عنده ، ولو يستطيع لوصل الليل بالنهار ، ويله من حساب غليظ وعذاب شديد .

حدثنا عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا الهيثم بن خارجة ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن شرحبيل أن أبا الدرداء كان إذا رأى جنازة ، قال : اغدوا فإنا رائحون ، أو : روحوا فإنا غادون ، موعظة بليغة وغفلة سريعة ، كفى بالموت واعظا ، يذهب الأول فالأول ، ويبقى الآخر لا حلم له .

حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم الحربي ، ثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، قال : قال أبو الدرداء : ثلاث أحبهن ويكرههن الناس : الفقر والمرض والموت .

حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم الحربي ، ثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن شيخ ، عن أبي الدرداء ، قال : أحب الموت اشتياقا إلى ربي ، وأحب الفقر تواضعا لربي ، وأحب المرض تكفيرا لخطيئتي .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أبو الربيع الرشديني ، ثنا ابن وهب ، أخبرني يحيى بن أيوب ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال أن أبا الدرداء كان يقول : يا معشر أهل دمشق ألا تستحيون ؟ تجمعون ما لا تأكلون وتبنون ما لا تسكنون وتأملون ما لا تبلغون ، قد كان القرون من قبلكم يجمعون فيوعون ويأملون [ ص: 218 ] فيطيلون ويبنون فيوثقون ، فأصبح جمعهم بورا وأملهم غرورا وبيوتهم قبورا ، هذه عاد قد ملأت ما بين عدن إلى عمان أموالا وأولادا ، فمن يشتري مني تركة آل عاد بدرهمين ؟ .

حدثنا أبي - رحمه الله - ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أبو الربيع الرشديني ، ثنا ابن وهب ، ثنا يحيى بن أيوب ، عن عمرو بن عياش ، عن صفوان بن عمرو أن أبا الدرداء كان يقول : يا معشر أهل الأموال بردوا على جلودكم من أموالكم قبل أن نكون وإياكم فيها سواء ، ليس إلا أن تنظروا فيها وننظر فيها معكم .

وقال أبو الدرداء : وإني أخاف عليكم شهوة خفية في نعمة ملهية ، وذلك حين تشبعون من الطعام وتجوعون من العلم .

وقال أبو الدرداء : إن خيركم الذي يقول لصاحبه : اذهب بنا نصوم قبل أن نموت ، وإن شراركم الذي يقول لصاحبه : اذهب بنا نأكل ونشرب ونلهو قبل أن نموت .

ومر أبو الدرداء على قوم وهم يبنون ، فقال أبو الدرداء : تجددون الدنيا والله يريد خرابها والله غالب على ما أراد .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو يحيى الرازي ، ثنا هناد بن السري ، ثنا وكيع ، عن أسامة بن زيد ، عن مكحول ، قال : كان أبو الدرداء يتتبع الخرب . ويقول : يا خرب الخربين أين أهلك الأولون ؟ .

حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا عمر بن حفص السدوسي ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا أبو هلال ، ثنا معاوية بن قرة أن أبا الدرداء اشتكى فدخل عليه أصحابه ، فقالوا : ما تشتكي يا أبا الدرداء ؟ قال : أشتكي ذنوبي ، قالوا : فما تشتهي ؟ قال : أشتهي الجنة ، قالوا : أفلا ندعو لك طبيبا ؟ قال : هو الذي أضجعني .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا محمد بن بشر ، ثنا مسعر ، عن عون بن عبد الله ، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه ، قال : من يتفقد يفقد ، ومن لا يعد الصبر لفواجع الأمور يعجز ، إن قارضت الناس قارضوك وإن تركتهم لم يتركوك . قال : فما تأمرني ؟ قال : اقرض من عرضك ليوم فقرك .

حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا إسماعيل بن إسحاق السراج ، ثنا داود بن رشيد ، ثنا الوليد ، عن سعيد بن عبد العزيز ، قال : قيل لأبي الدرداء : ادع الله لنا ، قال : [ ص: 219 ] لا أحسن السباحة وأخاف الغرق .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن عبد الله بن رستة ، ثنا شيبان بن فروخ ، ثنا أبو الأشهب ، عن الحسن ، قال : كان أبو الدرداء ، يقول : إن مما أخشى عليكم زلة العالم ، وجدال منافق بالقرآن ، والقرآن حق ، وعلى القرآن منار كمنار الطريق . ومن لم يكن غنيا من الدنيا فلا دنيا له .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، ثنا محمود بن خالد ، ثنا عمرو بن عبد الواحد ، عن الأوزاعي ، عن بلال بن سعد أنه سمعه يقول : كان أبو الدرداء يقول : اللهم إني أعوذ بك من تفرقة القلب ، قيل : وما تفرقة القلب ؟ قال : أن يوضع لي في كل واد مال .

حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا إسحاق بن سلمة ، ثنا أبو هشام الرفاعي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه ، قال : إن الذين ألسنتهم رطبة بذكر الله عز وجل يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : قيل لأبي الدرداء : إن أبا سعد بن منبه أعتق مائة محرر ، فقال : إن مائة محرر من مال رجل لكثير ، وإن شئت أنبأتك بما هو أفضل من ذلك ، إيمان ملزوم بالليل والنهار ، ولا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا شعبة ، عن عمران القصير ، قال : سمعت أبا رجاء ، يقول : قال أبو الدرداء : لأن أكبر الله مائة مرة أحب إلي من أن أتصدق بمائة دينار .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، ثنا أبو أسامة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، حدثني صالح بن أبي عريب ، عن كثير بن مرة الحضرمي ، قال : سمعت أبا الدرداء ، يقول : ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها إلى مليككم وأنماها في درجاتكم ، خير من أن تغزوا عدوكم فيضربوا رقابكم وتضربوا رقابهم ، خير من إعطاء الدراهم والدنانير ؟ قالوا : وما هو يا أبا الدرداء ؟ قال : ذكر الله ، وذكر الله أكبر .

حدثنا أبو بكر [ ص: 220 ] بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبو عبد الله محمد بن سالم الطائفي - من كتابه - ثنا فرج بن فضالة ، عن أسيد بن وداعة ، عن أبي الدرداء ، قال : ما في المؤمن بضعة أحب إلى الله عز وجل من لسانه ، به يدخله الجنة . وما في الكافر بضعة أبغض إلى الله عز وجل من لسانه ، به يدخله النار .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر في جماعة ، قالوا : ثنا محمد بن نصير ، ثنا إسماعيل بن عمرو ، ثنا مالك بن مغول - أراه عن عبد الملك بن عمير - قال : قال أبو الدرداء : من أكثر ذكر الموت قل فرحه وقل حسده .

حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا عبد الله بن عمر ، ثنا ابن خراش ، عن العوام ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : من أكثر ذكر الموت قل فرحه وقل حسده .

حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم الحربي ، ثنا عبد الله بن عمر أبو أسامة ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، حدثني إسماعيل بن عبيد الله أن أبا الدرداء كان يقول : اللهم توفني مع الأبرار ، ولا تبقني مع الأشرار .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الفرج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول : اللهم لا تبتليني بعمل سوء ، فأدعى به رجل سوء .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد أن أبا عون أخبره أن أبا الدرداء كان يقول : ما بت ليلة فأصبحت لم يرمني الناس فيها بداهية إلا رأيت أن علي من الله تعالى فيه نعمة .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الرحمن بن عمار ، قال : سمعت أبا بكر بن محمد يحدث يحيى بن سعيد ، عن خلاد بن السائب - أو السائب بن خلاد - قال : قال أبو الدرداء : ما بت ليلة سلمت فيها لم أرم فيها بداهية ، ولا أصبحت يوما سلمت فيه لم أرم فيه بداهية ، [ ص: 221 ] إلا عوفيت عافية عظيمة .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، ثنا محمد بن فضيل ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه ، قال : ما لي أراكم تحرصون على ما تكفل لكم به ، وتضيعون ما وكلتم به ، لأنا أعلم بشراركم من البيطار بالخيل ، هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبرا ولا يسمعون القرآن إلا هجرا ولا يعتق محرروهم .

حدثنا أبي - رحمه الله - ثنا أحمد بن محمد بن الحسن ، ثنا الربيع بن ثعلب ، ثنا فرج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه ، قال : إياكم ودعوة المظلوم ودعوة اليتيم ، فإنهما تسريان بالليل والناس نيام .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، وجرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه : إن أبغض الناس إلي أن أظلمه من لا يستعين علي إلا بالله عز وجل .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا بكر بن مضر ، عن عبيد الله بن زحر ، عن الهيثم بن خالد ، عن سليم بن عتر ، قال : لقينا كريب بن أبرهة راكبا ووراءه غلام له ، فقال : سمعت أبا الدرداء يقول : لا يزال العبد يزداد من الله تعالى بعدا كلما مشي خلفه .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا الوليد بن مسلم ، عن ابن جابر ، أن أبا الدرداء كان إذا سمع المتهجدين بالقرآن يقول : بأبي النواحون على أنفسهم قبل يوم القيامة ، وتندى قلوبهم بذكر الله - أو : لذكر الله - عز وجل .

رواه الهيثم بن خارجة ، عن الوليد ، عن ابن جابر ، عن عطاء بن مرة ، عن أبي الدرداء مثله .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا محمد بن بشر ، ثنا شيخ منا يقال له الحكم بن فضيل ، عن زيد بن أسلم ، قال : قال أبو الدرداء : التمسوا الخير دهركم كله ، وتعرضوا لنفحات الله ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني [ ص: 222 ] عمرو بن الحارث أن أباه حدثه عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، أن رجلا قال لأبي الدرداء : علمني كلمة ينفعني الله عز وجل بها ، قال : وثنتين وثلاثا وأربعا وخمسا ، من عمل بهن كان ثوابه على الله عز وجل الدرجات العلا ، قال : لا تأكل إلا طيبا ، ولا تكسب إلا طيبا ، ولا تدخل بيتك إلا طيبا ، وسل الله عز وجل يرزقك يوما بيوم ، وإذا أصبحت فاعدد نفسك من الأموات فكأنك قد لحقت بهم ، وهب عرضك الله عز وجل ، فمن سبك أو شتمك أو قاتلك فدعه لله عز وجل ، وإذا أسأت فاستغفر الله عز وجل .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا عبد الجبار بن العلاء ، ثنا سفيان ، عن خلف بن حوشب ، قال : قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه : إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن بكر بن سوادة ، عن خالد بن حدير الأسلمي : أنه دخل على أبي الدرداء وتحته فراش من جلد أو صوف ، وعليه كساء صوف وسبتية صوف ، وهو وجع وقد عرق ، فقال : لو شئت كسيت فراشك بورق وكساء مرعزي مما يبعث به أمير المؤمنين ؟ قال : إن لنا دارا وإنا لنظعن إليها ولها نعمل .

حدثنا محمد بن معمر ، ثنا أبو شعيب الحراني ، ثنا يحيى بن عبد الله ، ثنا الأوزاعي ، عن حسان بن عطية أن أصحابا لأبي الدرداء رضي الله تعالى عنه تضيفوه فضيفهم ، فمنهم من بات على لبدة ومنهم من بات على ثيابه كما هو . فلما أصبح غدا عليهم فعرف ذلك منهم ، فقال : إن لنا دارا لها نجمع وإليها نرجع .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن مسعود ، ثنا محمد بن كثير ، ثنا الأوزاعي ، عن حسان ، قال : قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه لأهل دمشق : أرضيتم بأن شبعتم من خبز البر عاما فعاما ، لا يذكر الله تعالى في ناديكم ؟ ما بال علمائكم يذهبون وجهالكم لا يتعلمون ، لو شاء علماؤكم لازدادوا ، ولو التمسه جهالكم لوجدوه ، خذوا الذي لكم بالذي عليكم ، فوالذي نفسي بيده ما هلكت أمة إلا باتباعها هواها وتزكيتها أنفسها .

حدثنا أحمد بن بندار ، ثنا أبو بكر بن أبي داود ، ثنا علي بن خشرم ، ثنا [ ص: 223 ] عيسى بن يونس ، ثنا الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، قال : أبصر أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه رجلا قد زوق ابنه ، فقال : زوقوهم بما شئتم ، فذاك أغوى لهم .

حدثنا أحمد بن بندار ، ثنا أبو بكر بن أبي داود ، ثنا محمود بن خالد ، ثنا عمر بن عبد الواحد ، عن الأوزاعي ، قال : سمعت حسان بن عطية يقول : شكى رجل إلى أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أخاه ، فقال : سينصرك الله عز وجل عليه . فوفد إلى معاوية فأجازه بمائة دينار . فقال له أبو الدرداء : هل علمت أن الله قد نصرك على أخيك ؟ وفد على معاوية فأجازه بمائة دينار ، وولد له غلام .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين المروزي ، ثنا ابن المبارك ، أخبرنا رجل من الأنصار ، عن يونس بن سيف ، ثنا أبو كبشة السلولي ، قال : سمعت أبا الدرداء رضي الله تعالى عنه ، يقول : إن من شر الناس عند الله عز وجل منزلة يوم القيامة عالما لا ينتفع بعلمه .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، ثنا علي بن خشرم ، ثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، أن أبا الدرداء كان يقول : اللهم إني أعوذ بك أن تلعنني قلوب العلماء . قيل : وكيف تلعنك قلوبهم ؟ قال : تكرهني .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين المروزي ، ثنا ابن المبارك ، ثنا خلف الأنصاري ، عن يونس بن سيف ، قال : حدثني أبو كبشة السلولي ، قال : سمعت أبا الدرداء يقول : إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة عالما لا ينتفع بعلمه .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا الحسن بن عبد العزيز المصري ، ثنا أيوب بن سويد ، عن ابن جابر ، حدثني عمير بن هانئ ، أن أبا الدرداء رضي الله تعالى عنه كان يقول : ويل لمن كذب وعق ، ونقض العهد الموثق ، فما بر ولا صدق .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا الحسين ، ثنا الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثني أبو عبد الله ، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه ، قال : لا تزال نفس أحدكم شابة في حب الشيء ، ولو التقت ترقوتاه من الكبر ، إلا الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ، وقليل ما هم .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله [ ص: 224 ] بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن يزيد المقري ، ثنا كهمس ، عن عوف ، عن رجل ، قال : قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه : ثلاث من ملاك أمر ابن آدم : لا تشك مصيبتك ، ولا تحدث بوجعك ، ولا تزك نفسك بلسانك .

حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ، ثنا سعيد بن سليمان ، ثنا حفص ، عن بيان ، عن قيس ، قال : كان أبو الدرداء إذا كتب إلى سلمان - أو سلمان كتب إلى أبي الدرداء - كتب إليه يذكره بآية الصحفة ، قال : وكنا نتحدث أنه بينما هما يأكلان من الصحفة فسبحت الصحفة وما فيها .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، حدثني أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، قال : بينا أبو الدرداء يوقد تحت قدر له ، وسلمان رضي الله تعالى عنهما عنده ، إذ سمع أبو الدرداء في القدر صوتا ، ثم ارتفع الصوت بتسبيح كهيئة صوت الصبي ، قال : ثم ندرت فانكفأت ثم رجعت إلى مكانها لم ينصب منها شيء ، فجعل أبو الدرداء ينادي يا سلمان انظر إلى العجب ، انظر إلى ما لم تنظر إلى مثله أنت ولا أبوك ، فقال سلمان : أما إنك لو سكت لسمعت من آيات الله الكبرى .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا محمد بن فضيل ، عن محمد بن سعد الأنصاري ، حدثني عبد الله بن يزيد بن ربيعة الدمشقي ، قال : قال أبو الدرداء : أدلجت ذات ليلة إلى المسجد ، فلما دخلت مررت على رجل ساجد وهو يقول : اللهم إني خائف مستجير فأجرني من عذابك ، وسائل فقير فارزقني من فضلك ، لا مذنب فأعتذر ولا ذو قوة فأنتصر ، ولكن مذنب مستغفر ، قال : فأصبح أبو الدرداء يعلمهن أصحابه إعجابا بهن .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الفرج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أم الدرداء ، أنها قالت : اللهم إن أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا ، اللهم فأنا أخطبه إليك وأسألك أن تزوجنيه في الجنة ، فقال لها أبو الدرداء : فإن أردت ذلك فكنت أنا الأول فلا تتزوجي بعدي . [ ص: 225 ] قال : فمات أبو الدرداء - وكان لها جمال وحسن - فخطبها معاوية ، فقالت : لا والله لا أتزوج زوجا في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء - إن شاء الله - في الجنة .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، أن أبا الدرداء رضي الله تعالى عنه مر على رجل قد أصاب ذنبا فكانوا يسبونه ، فقال : أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه ؟ قالوا : نعم ، قال : فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم ، قالوا : أفلا تبغضه ؟ قال : إنما أبغض عمله ، فإذا تركه فهو أخي .

وقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه : ادع الله تعالى في يوم سرائك لعله أن يستجيب لك في يوم ضرائك .

قال الشيخ رحمه الله : وكان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه حكيما لبيبا ، ونحريرا طبيبا . كلامه يكثر ومواعظه تغزر ، حكمه وعلومه لذوي الأدواء شفاء وللمتجردين والمتحبرين دفاء ، وكان إذا نظر سبر وإذا ذكر جبر ، لمفاخر الدنيا دافع ولمراتب العقبى جامع . كذا حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبو معمر ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي حسين ، عن ابن أبي مليكة ، قال : سمعت يزيد بن معاوية ، يقول : كان والله أبو الدرداء من العلماء الحكماء ، والذين يشفون من الداء .

التالي السابق


الخدمات العلمية