صفحة جزء
( واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا )

قوله تعالى : ( واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا )

اعلم أنه سبحانه وتعالى لما وصف نفسه بصفات الجلال والعزة والعلو ، أردف ذلك بتزييف مذهب عبدة الأوثان ، وبين نقصانها من وجوه :

أحدها : أنها ليست خالقة للأشياء ، والإله يجب أن يكون قادرا على الخلق والإيجاد .

وثانيها : أنها مخلوقة والمخلوق محتاج ، والإله يجب أن يكون غنيا .

وثالثها : أنها لا تملك لأنفسها ضرا ولا نفعا ، ومن كان كذلك فهو لا يملك لغيره أيضا نفعا ، ومن كان كذلك فلا فائدة في عبادته .

ورابعها : أنها لا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا ، أي لا تقدر على الإحياء والإماتة في زمان التكليف ، وثانيا في زمان المجازاة ، ومن كان كذلك كيف يسمى إلها ؟ وكيف يحسن عبادته مع أن حق من يحق له العبادة أن ينعم بهذه النعم المخصوصة ، وههنا سؤالات :

الأول : قوله : ( واتخذوا من دونه آلهة ) هل يختص بعبدة الأوثان ؟ أو يدخل فيه النصارى وعبدة الكواكب وعبدة الملائكة ؟

والجواب : قال القاضي : بعيد أن يدخل فيه النصارى لأنهم لم يتخذوا من دون الله آلهة على الجمع ، فالأقرب أن المراد به عباد الأصنام ، ويجوز أن يدخل فيه من عبد الملائكة لأن [ ص: 43 ] لمعبودهم كثرة ، ولقائل أن يقول : قوله : ( واتخذوا ) صيغة جمع ، وقوله : " آلهة " جمع ، والجمع إذا قوبل بالجمع يقابل المفرد بالمفرد ، فلم يكن كون معبود النصارى واحدا مانعا من دخوله تحت هذا اللفظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية