الصفة الثالثة : قوله : ( 
والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما   ) ، واعلم أنه تعالى لما ذكر سيرتهم في النهار من وجهين : 
أحدهما : ترك الإيذاء ، وهو المراد من قوله : ( 
يمشون على الأرض هونا   ) ، والآخر تحمل التأذي ، وهو المراد من قوله : ( 
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما   ) ، فكأنه شرح سيرتهم مع الخلق في النهار ، فبين في هذه الآيات سيرتهم في الليالي عند الاشتغال بخدمة الخالق ، وهو كقوله : ( 
تتجافى جنوبهم عن المضاجع   ) [السجدة : 16] ، ثم قال 
الزجاج    : كل من أدركه الليل قيل : بات ، وإن لم ينم ، كما يقال : بات فلان قلقا ، ومعنى ( 
يبيتون لربهم   ) أن يكونوا في لياليهم مصلين ، ثم اختلفوا فقال بعضهم : من قرأ شيئا من القرآن في صلاة وإن قل ، فقد بات ساجدا وقائما ، وقيل : ركعتين بعد المغرب وأربعا بعد العشاء الأخيرة ، والأولى أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره ، يقال : فلان يظل صائما ويبيت قائما ، قال 
الحسن    : 
يبيتون لله على أقدامهم ويفرشون له وجوههم تجري دموعهم على خدودهم خوفا من ربهم   .