1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة النمل
  4. قوله تعالى ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله
صفحة جزء
( ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين )

قوله تعالى : ( ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين )

اعلم أن هذا هو العلامة الثانية لقيام القيامة .

أما قوله : ( ويوم ينفخ في الصور ) ففيه وجوه :

أحدها : أنه شيء شبيه بالقرن ، وأن إسرافيل عليه السلام ينفخ فيه بإذن الله تعالى ، فإذا سمع الناس ذلك الصوت ، وهو في الشدة بحيث لا تحتمله طبائعهم يفزعون عنده ويصعقون ويموتون ، وهو كقوله تعالى : ( فإذا نقر في الناقور ) ( المدثر : 8 ) وهذا قول الأكثرين .

وثانيها : يجوز أن يكون تمثيلا لدعاء الموت فإن خروجهم من قبورهم كخروج الجيش عند سماع صوت الآلة .

وثالثها : أن الصور جمع الصورة ، وجعلوا النفخ فيها نفخ الروح ، والأول أقرب لدلالة الظاهر عليه ، ولا مانع يمنع منه .

أما قوله : ( ففزع من في السماوات ومن في الأرض ) فاعلم أنه إنما قال : ( ففزع ) ، ولم يقل : فيفزع للإشعار بتحقيق الفزع وثبوته ، وأنه كائن لا محالة ؛ لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به ، والمراد فزعهم عند النفخة الأولى .

[ ص: 189 ] أما قوله : ( إلا من شاء الله ) فالمراد إلا من ثبت الله قلبه من الملائكة ، قالوا : هم جبريل وميكائيل وإسرافيل ، وملك الموت ، وقيل : الشهداء ، وعن الضحاك : الحور ، وخزنة النار ، وحملة العرش . وعن جابر موسى منهم ؛ لأنه صعق مرة ، ومثله قوله تعالى : ( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) ( الزمر : 68 ) وليس فيه خبر مقطوع ، والكتاب إنما يدل على الجملة .

أما قوله : ( وكل أتوه داخرين ) فقرئ ( أتوه ) و ( أتاه ) ودخرين وداخرين ، فالجمع على المعنى ، والتوحيد على اللفظ ، والداخر والدخر : الصاغر ، وقيل : معنى الإتيان حضورهم الموقف بعد النفخة الثانية ، ويجوز أن يراد رجوعهم إلى أمر الله وانقيادهم له .

التالي السابق


الخدمات العلمية