(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=85ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=85ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )
اعلم أن الله تعالى بين بالدلائل القاهرة كمال القدرة وكمال العلم ، ثم فرع عليهما القول بإمكان الحشر ، ثم بين الوجه في كون القرآن معجزا ، ثم فرع عليه نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم تكلم الآن في مقدمات قيام القيامة ، وإنما أخر تعالى الكلام في هذا الباب عن إثبات النبوة ، لما أن هذه الأشياء لا يمكن معرفتها إلا بقول النبي الصادق ، وهذا هو النهاية في جودة الترتيب . واعلم أنه تعالى ذكر تارة ما يكون كالعلامة لقيام القيامة ، وتارة الأمور التي تقع عند قيام القيامة ، فذكر أولا
nindex.php?page=treesubj&link=30251من علامات القيامة دابة الأرض ، والناس تكلموا فيها من وجوه :
أحدها : في مقدار جسمها ، وفي الحديث أن طولها ستون ذراعا . وروي أيضا أن رأسها تبلغ السحاب . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : ما بين قرنيها فرسخ للراكب .
وثانيها : في كيفية خلقتها ، فروي أن لها أربع قوائم وزغب وريش وجناحان . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في وصفها : رأس ثور ، وعين خنزير ، وأذن فيل ، وقرن أيل ، وصدر أسد ، ولون نمر ، وخاصرة بقرة ، وذنب كبش ، وخف بعير .
وثالثها : في كيفية خروجها ؛ عن
علي عليه السلام أنها تخرج ثلاثة أيام ، والناس ينظرون ، فلا يخرج إلا ثلثها . وعن
الحسن : لا يتم خروجها إلا بعد ثلاثة أيام .
ورابعها : في موضع خروجها "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013542سئل النبي صلى الله عليه وسلم من أين تخرج الدابة ؟ فقال : من أعظم المساجد حرمة على الله تعالى المسجد [ ص: 187 ] الحرام " . وقيل : تخرج من الصفا فتكلمهم بالعربية .
وخامسها : في عدد خروجها ، فروي أنها تخرج ثلاث مرات ، تخرج بأقصى اليمن ، ثم تكمن ، ثم تخرج بالبادية ، ثم تكمن دهرا طويلا ، فبينا الناس في أعظم المساجد حرمة وأكرمها على الله فما يهولهم إلا خروجها من بين الركن حذاء دار
بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد ، فقوم يهربون ، وقوم يقفون .
واعلم أنه لا دلالة في الكتاب على شيء من هذه الأمور ، فإن صح الخبر فيه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ، وإلا لم يلتفت إليه .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وإذا وقع القول عليهم ) فالمراد من القول متعلقه وهو ما وعدوا به من قيام الساعة ، ووقوعه حصوله ، والمراد مشارفة الساعة وظهور أشراطها ، أما دابة الأرض فقد عرفتها .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82تكلمهم ) فقرئ ( تكلمهم ) من الكلم وهو الجرح ، روي أن الدابة تخرج من الصفا ومعها عصا
موسى عليه السلام وخاتم
سليمان ، فتضرب المؤمن بين عينيه بعصا
موسى عليه السلام ، فتنكت نكتة بيضاء ، فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه ، وتنكت الكافر في أنفه فتفشو النكتة حتى يسود لها وجهه .
واعلم أنه يجوز أن يكون تكلمهم من الكلم أيضا على معنى التكثير ، يقال : فلان مكلم ، أي مجرح . وقرأ أبي ( تنبئهم ) ، وقرأ
ابن مسعود : تكلمهم بأن الناس ، والقراءة بأن مكسورة حكاية لقول الدابة ذلك ، أو هي حكاية لقول الله تعالى بين به أنه أخرج الدابة لهذه العلة . فإن قيل : إذا كانت حكاية لقول الدابة ، فكيف يقول بآياتنا ؟ جوابه : إن قولها حكاية لقول الله تعالى ، أو على معنى بآيات ربنا ، أو لاختصاصها بالله تعالى أضافت آيات الله إلى نفسها ، كما يقول بعض خاصة الملك خيلنا وبلادنا ، وإنما هي خيل مولاه وبلاده ، ومن قرأ بالفتح فعلى حذف الجار ، أي تكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا ) فاعلم أن هذا من الأمور الواقعة بعد قيام القيامة ، فالفرق بين من الأولى والثانية ، أن الأولى للتبعيض ، والثانية للتبيين ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30من الأوثان ) ( الحج : 30 ) .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83فهم يوزعون ) معناه : يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا فيكبكبوا في النار ، وهذه عبارة عن كثرة العدد وتباعد أطرافه ، كما وصفت جنود
سليمان بذلك وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ) فهذا وإن احتمل معجزات الرسل كما قاله بعضهم ، فالمراد كل الآيات ، فيدخل فيه سائر الكفار الذين كذبوا بآيات الله أجمع أو بشيء منها .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84ولم تحيطوا بها علما ) فالواو للحال كأنه قال : أكذبتم بها ، بادي الرأي من غير فكر ولا نظر يؤدي إلى إحاطة العلم بكنهها .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84أم ماذا كنتم تعملون ) فالمراد لما لم تشتغلوا بذلك العمل المهم ، فأي شيء كنتم تعملونه بعد ذلك ؟ ! كأنه قال : كل عمل سواه فكأنه ليس بعمل ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=85ووقع القول عليهم ) يريد أن العذاب الموعود يغشاهم بسبب تكذيبهم بآيات الله فيشغلهم عن النطق والاعتذار ؛ كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=35هذا يوم لا ينطقون ) ( المرسلات : 35 ) ثم إنه سبحانه بعد أن خوفهم بأحوال القيامة ذكر كلاما يصلح أن يكون دليلا على التوحيد وعلى الحشر وعلى النبوة مبالغة في الإرشاد إلى الإيمان والمنع من الكفر فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا )
[ ص: 188 ] أما وجه دلالته على التوحيد ، فلما ظهر في العقول أن
nindex.php?page=treesubj&link=33679_31755التقليب من النور إلى الظلمة ، ومن الظلمة إلى النور ، لا يحصل إلا بقدرة قاهرة عالية . وأما وجه دلالته على الحشر ، فلأنه لما ثبتت قدرته تعالى في هذه الصورة على القلب من النور إلى الظلمة وبالعكس ، فأي امتناع في ثبوت قدرته على القلب من الحياة إلى الموت مرة ، ومن الموت إلى الحياة أخرى . وأما وجه دلالته على النبوة فلأنه تعالى يقلب الليل والنهار لمنافع المكلفين ، وفي بعثة الأنبياء والرسل إلى الخلق منافع عظيمة ، فما المانع من بعثتهم إلى الخلق لأجل تحصيل تلك المنافع ؟ فقد ثبت أن هذه الكلمة الواحدة كافية في إقامة الدلالة على تصحيح الأصول الثلاثة التي منها منشأ كفرهم واستحقاقهم العذاب ، ثم في الآية سؤالان :
السؤال الأول : ما السبب في أن جعل الإبصار للنهار وهو لأهله ؟ جوابه : تنبيها على كمال هذه الصفة فيه .
السؤال الثاني : لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=67جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ) [ يونس : 67 ]فلم لم يقل : والنهار لتبصروا فيه ؟ جوابه : لأن السكون في الليل هو المقصود من الليل ، وأما الإبصار في النهار ، فليس هو المقصود بل هو وسيلة إلى جلب المنافع الدينية والدنيوية .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) خص المؤمنين بالذكر ، وإن كانت أدلة للكل من حيث اختصوا بالقبول والانتفاع على ما تقدم في نظائره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=85وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=85وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ بِالدَّلَائِلِ الْقَاهِرَةِ كَمَالَ الْقُدْرَةِ وَكَمَالَ الْعِلْمِ ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِمَا الْقَوْلَ بِإِمْكَانِ الْحَشْرِ ، ثُمَّ بَيَّنَ الوجه فِي كَوْنِ الْقُرْآنِ مُعْجِزًا ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ نُبُوَّةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ الْآنَ فِي مُقَدِّمَاتِ قِيَامِ الْقِيَامَةِ ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ تَعَالَى الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ إِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ ، لِمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا إِلَّا بِقَوْلِ النَّبِيِّ الصَّادِقِ ، وَهَذَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي جَوْدَةِ التَّرْتِيبِ . وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ تَارَةً مَا يَكُونُ كَالْعَلَامَةِ لِقِيَامِ الْقِيَامَةِ ، وَتَارَةً الْأُمُورَ الَّتِي تَقَعُ عِنْدَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ ، فَذَكَرَ أَوَّلًا
nindex.php?page=treesubj&link=30251مِنْ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ دَابَّةَ الْأَرْضِ ، وَالنَّاسُ تَكَلَّمُوا فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : فِي مِقْدَارِ جِسْمِهَا ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ طُولَهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا . وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ رَأْسَهَا تَبْلُغُ السَّحَابَ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ : مَا بَيْنَ قَرْنَيْهَا فَرْسَخٌ لِلرَّاكِبِ .
وَثَانِيهَا : فِي كَيْفِيَّةِ خِلْقَتِهَا ، فَرُوِيَ أَنَّ لَهَا أَرْبَعَ قَوَائِمَ وَزَغَبٌ وَرِيشٌ وَجَنَاحَانِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ فِي وَصْفِهَا : رَأْسُ ثَوْرٍ ، وَعَيْنُ خِنْزِيرٍ ، وَأُذُنُ فِيلٍ ، وَقَرْنُ أَيْلٍ ، وَصَدْرُ أَسَدٍ ، وَلَوْنُ نَمِرٍ ، وَخَاصِرَةُ بَقَرَةٍ ، وَذَنَبُ كَبْشٍ ، وَخُفُّ بَعِيرٍ .
وَثَالِثُهَا : فِي كَيْفِيَّةِ خُرُوجِهَا ؛ عَنْ
عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهَا تَخْرُجُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ ، فَلَا يَخْرُجُ إِلَّا ثُلُثُهَا . وَعَنِ
الْحَسَنِ : لَا يَتِمُّ خُرُوجُهَا إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ .
وَرَابِعُهَا : فِي مَوْضِعِ خُرُوجِهَا "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013542سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيْنَ تَخْرُجُ الدَّابَّةُ ؟ فَقَالَ : مِنْ أَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْمَسْجِدِ [ ص: 187 ] الْحَرَامِ " . وَقِيلَ : تَخْرُجُ مِنَ الصَّفَا فَتُكَلِّمُهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ .
وَخَامِسُهَا : فِي عَدَدِ خُرُوجِهَا ، فَرُوِيَ أَنَّهَا تَخْرُجُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، تَخْرُجُ بِأَقْصَى الْيَمَنِ ، ثُمَّ تَكْمُنُ ، ثُمَّ تَخْرُجُ بِالْبَادِيَةِ ، ثُمَّ تَكْمُنُ دَهْرًا طَوِيلًا ، فَبَيْنَا النَّاسُ فِي أَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً وَأَكْرَمِهَا عَلَى اللَّهِ فَمَا يَهُولُهُمْ إِلَّا خُرُوجُهَا مِنْ بَيْنِ الرُّكْنِ حِذَاءَ دَارِ
بَنِيَ مَخْزُومٍ عَنْ يَمِينِ الْخَارِجِ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَقَوْمٌ يَهْرُبُونَ ، وَقَوْمٌ يَقِفُونَ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْكِتَابِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ ، فَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ فِيهِ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِلَ ، وَإِلَّا لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) فَالْمُرَادُ مِنَ الْقَوْلِ مُتَعَلِّقُهُ وَهُوَ مَا وُعِدُوا بِهِ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَوُقُوعُهُ حُصُولُهُ ، وَالْمُرَادُ مُشَارَفَةُ السَّاعَةِ وَظُهُورُ أَشْرَاطِهَا ، أَمَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ فَقَدْ عَرَفْتَهَا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=82تُكَلِّمُهُمْ ) فَقُرِئَ ( تَكْلَمُهُمْ ) مِنَ الْكَلْمِ وَهُوَ الْجُرْحُ ، رُوِيَ أَنَّ الدَّابَّةَ تَخْرُجُ مِنَ الصَّفَا وَمَعَهَا عَصَا
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَخَاتَمُ
سُلَيْمَانَ ، فَتَضْرِبُ الْمُؤْمِنَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ بِعَصَا
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَتَنْكُتُ نُكْتَةً بَيْضَاءَ ، فَتَفْشُو تِلْكَ النُّكْتَةُ فِي وَجْهِهِ حَتَّى يُضِيءَ لَهَا وَجْهُهُ ، وَتَنْكُتُ الْكَافِرَ فِي أَنْفِهِ فَتَفْشُو النُّكْتَةُ حَتَّى يَسْوَدَّ لَهَا وَجْهُهُ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تُكَلِّمُهُمْ مِنَ الْكَلْمِ أَيْضًا عَلَى مَعْنَى التَّكْثِيرِ ، يُقَالُ : فُلَانٌ مُكَلَّمٌ ، أَيْ مُجَرَّحٌ . وَقَرَأَ أُبَيٌّ ( تُنَبِّئُهُمْ ) ، وَقَرَأَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : تُكَلِّمُهُمْ بِأَنَّ النَّاسَ ، وَالْقِرَاءَةُ بِأَنَّ مَكْسُورَةً حِكَايَةٌ لِقَوْلِ الدَّابَّةِ ذَلِكَ ، أَوْ هِيَ حِكَايَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الدَّابَّةَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ . فَإِنْ قِيلَ : إِذَا كَانَتْ حِكَايَةً لِقَوْلِ الدَّابَّةِ ، فَكَيْفَ يَقُولُ بِآيَاتِنَا ؟ جَوَابُهُ : إِنَّ قَوْلَهَا حِكَايَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ عَلَى مَعْنَى بِآيَاتِ رَبِّنَا ، أَوْ لِاخْتِصَاصِهَا بِاللَّهِ تَعَالَى أَضَافَتْ آيَاتِ اللَّهِ إِلَى نَفْسِهَا ، كَمَا يَقُولُ بَعْضُ خَاصَّةِ الْمَلِكِ خَيْلُنَا وَبِلَادُنَا ، وَإِنَّمَا هِيَ خَيْلُ مَوْلَاهُ وَبِلَادُهُ ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ فَعَلَى حَذْفِ الْجَارِّ ، أَيْ تُكَلِّمُهُمْ بِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا ) فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ، أَنَّ الْأُولَى لِلتَّبْعِيضِ ، وَالثَّانِيَةَ لِلتَّبْيِينِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30مِنَ الْأَوْثَانِ ) ( الْحَجِّ : 30 ) .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=83فَهُمْ يُوزَعُونَ ) مَعْنَاهُ : يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا فَيُكَبْكَبُوا فِي النَّارِ ، وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ وَتَبَاعُدِ أَطْرَافِهِ ، كَمَا وُصِفَتْ جُنُودُ
سُلَيْمَانَ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي ) فَهَذَا وَإِنِ احْتَمَلَ مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ ، فَالْمُرَادُ كُلُّ الْآيَاتِ ، فَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أَجْمَعَ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهَا .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا ) فَالْوَاوُ لِلْحَالِ كَأَنَّهُ قَالَ : أَكَذَّبْتُمْ بِهَا ، بَادِيَ الرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ وَلَا نَظَرٍ يُؤَدِّي إِلَى إِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِكُنْهِهَا .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) فَالْمُرَادُ لَمَّا لَمْ تَشْتَغِلُوا بِذَلِكَ الْعَمَلِ الْمُهِمِّ ، فَأَيُّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْمَلُونَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ؟ ! كَأَنَّهُ قَالَ : كُلُّ عَمَلٍ سِوَاهُ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ بِعَمَلٍ ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=85وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) يُرِيدُ أَنَّ الْعَذَابَ الْمَوْعُودَ يَغْشَاهُمْ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَيَشْغَلُهُمْ عَنِ النُّطْقِ وَالِاعْتِذَارِ ؛ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=35هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ) ( الْمُرْسَلَاتِ : 35 ) ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ أَنْ خَوَّفَهُمْ بِأَحْوَالِ الْقِيَامَةِ ذَكَرَ كَلَامًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى التَّوْحِيدِ وَعَلَى الْحَشْرِ وَعَلَى النُّبُوَّةِ مُبَالَغَةً فِي الْإِرْشَادِ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْمَنْعِ مِنَ الْكُفْرِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا )
[ ص: 188 ] أَمَّا وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى التَّوْحِيدِ ، فَلَمَّا ظَهَرَ فِي الْعُقُولِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33679_31755التَّقْلِيبَ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلْمَةِ ، وَمِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى النُّورِ ، لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِقُدْرَةٍ قَاهِرَةٍ عَالِيَةٍ . وَأَمَّا وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى الْحَشْرِ ، فَلِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَتْ قُدْرَتُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلْمَةِ وَبِالْعَكْسِ ، فَأَيُّ امْتِنَاعٍ فِي ثُبُوتِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الْحَيَاةِ إِلَى الْمَوْتِ مَرَّةً ، وَمِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ أُخْرَى . وَأَمَّا وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى النُّبُوَّةِ فَلِأَنَّهُ تَعَالَى يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِمَنَافِعِ الْمُكَلَّفِينَ ، وَفِي بِعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ إِلَى الْخَلْقِ مَنَافِعٌ عَظِيمَةٌ ، فَمَا الْمَانِعُ مِنْ بَعْثَتِهِمْ إِلَى الْخَلْقِ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ تِلْكَ الْمَنَافِعِ ؟ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ كَافِيَةٌ فِي إِقَامَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى تَصْحِيحِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي مِنْهَا مَنْشَأُ كُفْرِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمُ الْعَذَابَ ، ثُمَّ فِي الْآيَةِ سُؤَالَانِ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : مَا السَّبَبُ فِي أَنْ جَعَلَ الْإِبْصَارَ لِلنَّهَارِ وَهُوَ لِأَهْلِهِ ؟ جَوَابُهُ : تَنْبِيهًا عَلَى كَمَالِ هَذِهِ الصِّفَةِ فِيهِ .
السُّؤَالُ الثَّانِي : لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=67جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ) [ يُونُسَ : 67 ]فَلِمَ لَمْ يَقُلْ : وَالنَّهَارَ لِتُبْصِرُوا فِيهِ ؟ جَوَابُهُ : لِأَنَّ السُّكُونَ فِي اللَّيْلِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ اللَّيْلِ ، وَأَمَّا الْإِبْصَارُ فِي النَّهَارِ ، فَلَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ بَلْ هُوَ وَسِيلَةٌ إِلَى جَلْبِ الْمَنَافِعِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=86إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) خَصَّ الْمُؤْمِنِينَ بِالذِّكْرِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَدِلَّةً لِلْكُلِّ مِنْ حَيْثُ اخْتُصُّوا بِالْقَبُولِ وَالِانْتِفَاعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ .