( 
ومن شر النفاثات في العقد   ) . 
قوله تعالى : ( 
ومن شر النفاثات في العقد   ) فيه مسائل : 
المسألة الأولى : في الآية قولان : 
الأول : أن النفث النفخ مع ريق ، هكذا قاله صاحب الكشاف ، ومنهم   
[ ص: 179 ] من قال : إنه النفخ فقط ، ومنه قوله عليه السلام : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014143إن جبريل  نفث في روعي ، والعقد جمع عقدة ، والسبب فيه أن الساحر إذا أخذ في قراءة الرقية أخذ خيطا ، ولا يزال يعقد عليه عقدا بعد عقد وينفث في تلك العقد ، وإنما أنث النفاثات لوجوه : 
أحدها : أن هذه الصناعة إنما تعرف بالنساء ؛ لأنهن يعقدن وينفثن ، وذلك لأن الأصل الأعظم فيه ربط القلب بذلك الأمر وإحكام الهمة والوهم فيه ، وذلك إنما يتأتى من النساء لقلة علمهن وشدة شهوتهن ، فلا جرم كان هذا العمل منهن أقوى ، قال 
أبو عبيدة    : ( 
النفاثات   ) هن بنات 
لبيد بن أعصم  اليهودي سحرن النبي صلى الله عليه وسلم   . 
وثانيها : أن المراد من : ( 
النفاثات   ) النفوس . 
وثالثها : المراد منها الجماعات ، وذلك لأنه كلما كان اجتماع السحرة على العمل الواحد أكثر كان التأثير أشد . 
القول الثاني : وهو اختيار 
أبي مسلم    : ( 
ومن شر النفاثات   ) أي النساء في العقد ، أي في عزائم الرجال وآرائهم وهو مستعار من عقد الحبال ، والنفث وهو تليين العقدة من الحبل بريق يقذفه عليه ليصير حله سهلا ، فمعنى الآية أن النساء لأجل كثرة حبهن في قلوب الرجال يتصرفن في الرجال يحولنهم من رأي إلى رأي ، ومن عزيمة إلى عزيمة ، فأمر الله رسوله بالتعوذ من شرهن كقوله : ( 
إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم   ) [ التغابن : 14 ] فلذلك عظم الله كيدهن فقال : ( 
إن كيدكن عظيم   ) [ يوسف : 28 ] . 
واعلم أن هذا القول حسن ، لولا أنه على خلاف قول أكثر المفسرين . 
المسألة الثالثة : أنكرت 
المعتزلة  تأثير السحر ، وقد تقدمت هذه المسألة ، ثم قالوا : 
سبب الاستعاذة من شرهن لثلاثة أوجه : 
أحدها : أن يستعاذ من إثم عملهن في السحر . 
والثاني : أن يستعاذ من فتنتهن الناس بسحرهن . 
والثالث : أن يستعاذ من إطعامهن الأطعمة الرديئة المورثة للجنون والموت .