صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( والمستحب للمرأة أن تصلي في ثلاثة أثواب : خمار تغطي به الرأس والعنق ، ودرع تغطي به البدن والرجلين ، وملحفة صفيقة تستر الثياب ، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " تصلي المرأة في ثلاثة أثواب درع وخمار وإزار " وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : " تصلي في الدرع والخمار والملحفة " والمستحب أن تكثف جلبابها حتى لا يصف أعضاءها ، وتجافي الملحفة عنها في الركوع والسجود حتى لا يصف ثيابها ) .


( الشرح ) هذا الحكم الذي ذكره نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وقوله " تكثف جلبابها " هذا لفظ الشافعي رحمه الله وضبطناه في المهذب والتنبيه تكثف بالثاء المثلثة ، واختلف الأصحاب في ضبطها عن الشافعي على ثلاثة أوجه ، حكاها الشيخ أبو حامد في تعليقه ، والبندنيجي والمحاملي وغيرهم ( أحدها ) تكثف كما سبق ، ومعناه تتخذه كثيفا أي : غليظا ، صفيقا ( والثاني ) تكتف بالتاء المثناة فوق . قالوا : وأراد بها تعقد إزارها ، حتى لا ينحل عند الركوع والسجود ، فتبدو عورتها ( والثالث ) تكفت بفاء ثم تاء مثناة فوق أي : تجمع إزارها عليها والكفت الجمع .

وأما الجلباب فقال في البيان : هو الخمار والإزار . وقال الخليل : هو أوسع من الخمار وألطف من الإزار . وقال المحاملي هو الإزار ، وقال صاحب المطالع : قال النضر بن شميل : هو ثوب أقصر من الخمار وأعرض من المقنعة تغطي به المرأة رأسها . قال : وقال غيره : هو ثوب واسع دون الرداء تغطي به المرأة ظهرها وصدرها وقال ابن الأعرابي هو الإزار وقيل : [ ص: 178 ] هو كالملاءة والملحفة وقال آخرون : هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها . وهذا هو الصحيح وهو مراد الشافعي رحمه الله والمصنف والأصحاب هنا ، وهو مراد المحاملي وغيره بقولهم : هو الإزار ، وليس مرادهم الإزار المعروف الذي هو المئزر .

وقول المصنف : ( وتجافي الملحفة في الركوع ) لا يخالف ما ذكرناه ، فالملحفة هي الجلباب وهما لفظان مترادفان ، عبر بأحدهما في الأول ، وبالآخر في الثاني ويوضح هذا أن الشافعي قال في مختصر المزني وأحب لها أن تكتف جلبابها وتجافيه راكعة وساجدة لئلا تصفها ثيابها . وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم { أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليه إزار ؟ قال : إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها } رواه أبو داود بإسناد جيد ، لكن قال : رواه أكثر الرواة عن أم سلمة موقوفا عليها من قولها ، وقال الحاكم هو حديث صحيح على شرط البخاري وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، قالت أم سلمة فكيف تصنع النساء بذيولهن ؟ قال : يرخين شبرا فقالت : إذن تنكشف أقدامهن ، قال : فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه } رواه الترمذي والنسائي ، وقال الترمذي : حديث صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية