صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ولا يجوز للرجل أن يصلي في ثوب حرير ولا على ثوب حرير ; لأنه يحرم عليه استعماله في غير الصلاة ، فلأن يحرم في الصلاة أولى ، فإن صلى فيه أو صلى عليه صحت صلاته ; لأن التحريم لا يختص بالصلاة ولا النهي يعود إليها فلم يمنع صحتها . ويجوز للمرأة أن تصلي فيه وعليه ; لأنه لا يحرم عليها استعماله ، وتكره الصلاة في الثوب الذي عليه الصورة ، لما روت { عائشة رضي الله عنها قالت : كان لي ثوب فيه صورة فكنت أبسطه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إليه فقال لي : أخريه عني فجعلت منه وسادتين . } )


( الشرح ) حديث عائشة رواه البخاري عن أنس قال : { كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي } القرام بكسر القاف ستر رقيق ، وأجمع العلماء على أنه يحرم على الرجل أن يصلي في ثوب حرير وعليه ، فإن صلى فيه صحت صلاته عندنا وعند الجمهور ، وفيه خلاف أحمد السابق في الدار المغصوبة ، وهذا التحريم إذا وجد سترة غير الحرير فإن لم [ ص: 185 ] يجد إلا ثوب الحرير لزمه الصلاة فيه على أصح الوجهين ، وقد سبقت المسألة في باب طهارة البدن ، وللمرأة أن تصلي فيه بلا خلاف ، وهل لها أن تجلس عليه في الصلاة وغيرها ؟ فيه وجهان حكاهما الخراسانيون ( أصحهما ) وهو طريقة المصنف وسائر العراقيين - يجوز كما يجوز لبسه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير : { إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها } وهذا عام يتناول الجلوس واللبس وغيرهما ( والثاني ) لا يجوز ; لأنه إنما أبيح لها اللبس تزينا لزوجها وسيدها ، وإنما يحصل كمال ذلك باللبس لا بالجلوس ، ولهذا يحرم عليها استعمال إناء الذهب في الشرب ونحوه مع أنها يجوز لها التحلي به ، والمختار الأول ، والخنثى في هذا كالرجل ، وأما الثوب الذي فيه صور أو صليب أو ما يلهي فتكره الصلاة فيه وإليه وعليه للحديث .

( فرع ) قد ذكرنا أن مذهبنا صحة الصلاة في ثوب حرير وثوب مغصوب وعليهما ، وبه قال جمهور العلماء ، وقال أحمد في أصح الروايتين : لا يصح ، وقد يحتج لهم بما رواه أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم تقبل له صلاة ما دام عليه ، ثم أدخل أصبعه في أذنيه وقال : صمتا إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله } وهذا الحديث ضعيف في رواته رجل مجهول ، ودليلنا ما سبق في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية