صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن وجد ما يستر به بعض العورة ستر به القبل والدبر ; لأنهما أغلظ من غيرهما ، وإن وجد ما يكفي أحدهما ففيه وجهان ( أصحهما ) أنه يستر به القبل ; لأنه يستقبل به القبلة ، ولأنه لا يستتر بغيره ، والدبر يستتر بالأليين ( والثاني ) يستر به الدبر ; لأنه أفحش في حال الركوع والسجود ) .


( الشرح ) إذا وجد ما يستر به بعض العورة فقط لزمه التستر به بلا خلاف لقوله : صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } رواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة ، وسبق ذكره مرات ، وسبق في باب التيمم مسائل متشابهة فيما إذا وجد المكلف بعض ما أمر به كمن وجد بعض ما يكفيه في الوضوء أو الغسل أو التيمم ، وفي ستر العورة ، وفي قراءة الفاتحة ، وفي صاع الفطرة ، وفي الماء الذي يغسل به النجاسة ، وبعض رقبة الكفارة وأحكامها مختلفة وسبقت الإشارة إلى الفرق بينها . ويستر بهذا الموجود القبل والدبر بلا خلاف ; لأنهما أغلظ فإن لم يكف إلا أحدهما فأربعة أوجه ( أصحها ) باتفاق الأصحاب يستر القبل ونص عليه الشافعي في الأم ، ونقله الشيخ أبو حامد والدارمي والبندنيجي وغيرهم عن النص أيضا ( والثاني ) يستر الدبر ، وذكر المصنف دليلهما . ( والثالث ) حكاه الدارمي وصاحب البيان وغيرهما : هما سواء فيتخير بينهما ( والرابع ) حكاه القاضي حسين تستر المرأة القبل والرجل الدبر ثم ما ذكرناه من تقديم القبل والدبر أو أحدهما على الفخذ وغيره ، ومن تقديم أحدهما على الآخر هل هو مستحب أم واجب ؟ فيه وجهان ( أصحهما ) الوجوب ، وأنه شرط وهو مقتضى كلام الأكثرين ، ممن صححه الغزالي في البسيط والرافعي ( والثاني ) مستحب ، وبه قطع البندنيجي والقاضي أبو الطيب وأما الخنثى المشكل فإن وجد ما يستر قبليه ودبره ستر ، فإن لم يجد إلا ما يستر واحدا ، وقلنا : يستر عين القبل ستر أي قبليه شاء ، والأولى أن يستر آلة الرجال إن كان هناك امرأة وآلة النساء إن كان هناك رجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية