صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن كان له زوجة موسرة وهو معسر فالمنصوص : أنه لا تجب الفطرة عليها . وقال فيمن زوج أمته من معسر : إن على المولى فطرتها . فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وخرجهما على قولين ( أحدهما ) : لا تجب ; لأنها زكاة تجب عليه مع القدرة فسقطت بالإعسار كفطرة نفسه ( والثاني ) : تجب ; لأنه إذا كان معسرا جعل كالمعدوم . ولو عدم الزوج وجبت فطرة الحرة على نفسها وفطرة الأمة على سيدها . وكذلك ههنا ومن أصحابنا من قال : إن قلنا : يتحمل وجبت على الحرة وعلى مولى الأمة ; لأن الوجوب عليهما ، والزوج متحمل ، فإذا عجز عن التحمل بقي الوجوب في محله ، وإن قلنا : تجب عليه ابتداء لم تجب على الحرة ، ولا على مولى الأمة ; لأنه لا حق عليهما .

وقال أبو إسحاق : تجب على مولى الأمة ولا تجب على الحرة ; لأن فطرتها على المولى ; لأن المولى لا يجب عليه التبوئة التامة ، فإذا سلم كان متبرعا فلا يسقط بذلك ما وجب عليه من الزكاة ، [ ص: 84 ] والحرة غير متبرعة بالتسليم ; لأنه يجب عليها تسليم نفسها ، فإذا لم يقدر على فطرتها سقطت عنها الفطرة ) .


( الشرح ) قوله : لأنها زكاة تجب عليه مع القدرة ، احترز بالزكاة عن نفقة الزوجة ( وقوله ) : وعليه التبوئة هو - بتاء مثناة من فوق مفتوحة ثم باء موحدة وبعد الواو همزة - وهي التسليم ، وهذا الخلاف الذي ذكره المصنف مشهور . ذكر الأصحاب حكمه ودليله كما ذكره .

والأصح وجوب الفطرة على سيد الأمة دون الحرة ، كما نص عليه . ويجري الخلاف فيما لو تزوج عبد بحرة أو أمة ، فإنه معسر . والأصح : وجوبها على سيد زوجته الأمة دون الحرة . قال الشافعي والأصحاب : ويستحب للحرة أن تخرج الفطرة عن نفسها للخروج من الخلاف ولتطهيرها . وإذا قلنا : يلزم الحرة الموسرة فطرتها فأخرجتها ثم أيسر الزوج لم ترجع بها عليه ، هذا هو المذهب . وهو مقتضى إطلاق المصنف والجمهور ، وقال صاحب " الحاوي " : ترجع عليه بها كما ترجع عليه بالنفقة إذا أيسر .

وهذا النقل شاذ مردود والاستدلال له ضعيف ، فإن المعسر ليس أهلا لوجوب الفطرة بخلاف نفقة الزوجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية