صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويستحب إذا خرج من منى أن ينزل بالمحصب لما روى أنس رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بالمحصب ، ثم ركب إلى البيت فطاف للوداع به } فإن [ ص: 231 ] ترك النزول بالمحصب لم يؤثر ذلك في نسكه ، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال { المحصب ليس بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم } وقالت عائشة رضي الله عنها { نزول المحصب ليس من النسك إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم } )


. ( الشرح ) حديث أنس رواه البخاري .

وحديث ابن عباس وحديث عائشة رواهما البخاري ومسلم ، وفي حديث عائشة زيادة في الصحيحين قالت { نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح لخروجه } وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى : نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة ، حيث تقاسموا على الكفر ، وذلك أن قريشا وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني بذلك المحصب } رواه البخاري ومسلم .

وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ، ولكني جئت فضربت القبة فجاء فنزل } " رواه مسلم .

وعن نافع " أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة وكان يصلي الظهر يوم النفر بالمحصب ، قال نافع : { قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده } رواه مسلم ، والمحصب - بميم مضمومة ثم حاء مفتوحة ثم صاد مفتوحة مهملتين ثم باء موحدة - وهو اسم لمكان متسع بين مكة ومنى ، قال صاحب المطالع وغيره : وهو إلى منى أقرب ، وهو اسم لما بين الجبلين إلى المقبرة ، ويقال له : الأبطح والبطحاء ، وخيف بني كنانة ، والله أعلم .

( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : إذا فرغ الحاج من الرمي ونفر من منى استحب له أن يأتي المحصب ، وينزل به ويصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ويبيت به ليلة الرابع عشر ، ولو ترك النزول به فلا شيء عليه ، [ ص: 232 ] ولا يؤثر في نسكه لأنه سنة مستقلة ليست من مناسك الحج وهذا معنى ما ذكرناه من حديث ابن عباس وعائشة ، والله أعلم . قال القاضي عياض : النزول بالمحصب مستحب عند جميع العلماء . قال : وهو عند الحجازيين أوكد منه عند الكوفيين . قال : وأجمعوا على أنه ليس بواجب ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية