الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويستحب إذا خرج من منى أن ينزل بالمحصب لما روى أنس رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بالمحصب ، ثم ركب إلى البيت فطاف للوداع به } فإن [ ص: 231 ] ترك النزول بالمحصب لم يؤثر ذلك في نسكه ، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال { المحصب ليس بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم } وقالت عائشة رضي الله عنها { نزول المحصب ليس من النسك إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم } )

                                      التالي السابق


                                      . ( الشرح ) حديث أنس رواه البخاري .

                                      وحديث ابن عباس وحديث عائشة رواهما البخاري ومسلم ، وفي حديث عائشة زيادة في الصحيحين قالت { نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح لخروجه } وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى : نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة ، حيث تقاسموا على الكفر ، وذلك أن قريشا وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني بذلك المحصب } رواه البخاري ومسلم .

                                      وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ، ولكني جئت فضربت القبة فجاء فنزل } " رواه مسلم .

                                      وعن نافع " أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة وكان يصلي الظهر يوم النفر بالمحصب ، قال نافع : { قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده } رواه مسلم ، والمحصب - بميم مضمومة ثم حاء مفتوحة ثم صاد مفتوحة مهملتين ثم باء موحدة - وهو اسم لمكان متسع بين مكة ومنى ، قال صاحب المطالع وغيره : وهو إلى منى أقرب ، وهو اسم لما بين الجبلين إلى المقبرة ، ويقال له : الأبطح والبطحاء ، وخيف بني كنانة ، والله أعلم .

                                      ( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : إذا فرغ الحاج من الرمي ونفر من منى استحب له أن يأتي المحصب ، وينزل به ويصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ويبيت به ليلة الرابع عشر ، ولو ترك النزول به فلا شيء عليه ، [ ص: 232 ] ولا يؤثر في نسكه لأنه سنة مستقلة ليست من مناسك الحج وهذا معنى ما ذكرناه من حديث ابن عباس وعائشة ، والله أعلم . قال القاضي عياض : النزول بالمحصب مستحب عند جميع العلماء . قال : وهو عند الحجازيين أوكد منه عند الكوفيين . قال : وأجمعوا على أنه ليس بواجب ، والله أعلم




                                      الخدمات العلمية