صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن نذر أن يركب إلى بيت الله الحرام فمشى لزمه دم لأنه ترفه بترك مؤنة المركوب ، وإن نذر المشي إلى بيت الله تعالى لا حاجا ولا معتمرا ففيه وجهان ( أحدهما ) لا ينعقد نذره ، لأن المشي في غير نسك ليس بقربة فلم ينعقد كالمشي إلى غير البيت ( والثاني ) ينعقد نذره ويلزمه المشي بحج أو عمرة ، لأنه بنذر المشي لزمه المشي بنسك ثم رام إسقاطه فلم يسقط ) .


( الشرح ) فيه مسألتان ( إحداهما ) إذا نذر الحج راكبا ، فإن قلنا : المشي أفضل ( أو قلنا ) هو والركوب سواء ، فهو مخير إن شاء ركب وإن شاء مشى . وإن قلنا : الركوب أفضل لزمه الوفاء به ، فإن مشى فقد أطلق المصنف أن عليه دما قال صاحب البيان : هذا هو المشهور في المذهب . قال : وفيه وجه حكاه صاحب الفروع أنه لا دم عليه ، لأنه أشق من الركوب . وقال أصحابنا الخراسانيون : إن قلنا : المضي أفضل ، أو قلنا : هما سواء فلا دم وإن قلنا بالمذهب إن الركوب أفضل لزمه الدم ، هكذا قطعوا [ ص: 496 ] به . قال البغوي : وعندي أنه لا دم لأنه أشق ، وكيف كان فالمذهب وجوب الدم ، والله أعلم .

( الثانية ) إذا نذر المشي إلى الكعبة لا حاجا ولا معتمرا ، ففي انعقاد نذره وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما ( أصحهما ) ينعقد ، وممن صرح بتصحيحه الفارقي وغيره ، وعلى هذا يلزمه قصد الكعبة بحج أو عمرة على الصحيح وفيه خلاف سبق في فصل من نذر صلاة في مسجد . قال الشيخ أبو حامد : يشبه أن يكون هذان الوجهان مأخوذين من القولين فيمن نذر المشي إلى مسجد المدينة أو المسجد الأقصى ، لأن المشي هناك لا يتضمن النسك فكذا هنا إذا صرح بترك النسك . قال ابن الصباغ : هذا فاسد لأنا إذا قلنا بصحة النذر هنا لزمه المشي بنسك بخلاف المشي إلى مسجد المدينة والأقصى والله أعلم .

( فرع ) إذا نذر أن يحج حافيا لزمه الحج ولا يلزمه الحفاء : بل له أن يلبس النعلين في الإحرام ويلبس قبل الإحرام النعلين والخفين وما يشاء ، ولا فدية بلا خلاف ، لأنه ليس بقربة ولا ينعقد نذره .

التالي السابق


الخدمات العلمية