صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن وجد المملوك مرتدا أو وثنيا ثبت له الرد ; لأنه لا يقر على دينه ) .


[ ص: 567 ] الشرح ) الردة عيب قطعا في المملوك الذكر والأنثى ، وما سواها من الكفر . فالكتابي قد ذكره المصنف بعد هذا ، وما بين هذين من أنواع الكفر الأصلي كالتوثن والتمجس قيل : لا رد ، لا في العبد ولا في الإماء ، وبهذا قطع صاحب التتمة . وقال صاحب التهذيب : إن وجد الجارية مجوسية أو وثنية فله الرد ، لأنها محرمة على كافة الناس ، وإن وجد العبد كافرا أصليا أي كفر كان فلا رد إن كان قريبا من بلاد الكفر ، بحيث لا تقل الرغبة فيه ، وإن كان في بلاد الإسلام بحيث تقل الرغبة في الكافر وتنقص قيمته فله الرد ، وصحح الرافعي والنووي ما قاله في التهذيب . وقال القاضي أبو الطيب : إنه إذا اشترى عبدا مطلقا فخرج كافرا لم يكن له خيار ، وهذا الإطلاق أقرب إلى موافقة صاحب التتمة وفصل القاضي حسين بين دار الإسلام كما نقل صاحب التهذيب ، وما قاله المصنف يظهر أنه مخالف للوجهين ، فإنه أطلق الرد بالتوثن ، وتعليله بأنه لا يقر عليه ، يقضي أن العبد الوثني يقبل ، والمعروف في المذهب خلافه ، ومن كلام المصنف وكلام صاحبي التتمة والتهذيب يخرج في العبد ثلاثة أوجه . ( أحدها ) أنه لا يرد بالكفر الأصلي مطلقا ، وهو قول صاحب التتمة ( والثاني ) وإن كان في بلاد الإسلام يرد به وإلا فلا .

وهو قول صاحب التهذيب ( والثالث ) يرد إن كان وثنيا ، وهو قول المصنف ، ويحتمل أن يكون المصنف يوافق صاحب التهذيب في المجوسي إن كان في بلاد الإسلام فرض أن قيمته تنقص بذلك . وأما الجارية فما ذكره صاحب التهذيب فيها يتعين لنقصها بالنسبة إلى امتناع وطئها على كل أحد ، سواء أكانت مجوسية أو وثنية ، والكتابية سيأتي حكمها ، والمرتدة لا إشكال في كونها ترد ، لأنها لا تفرق ، [ ص: 568 ] وأطلق الشيخ أبو حامد في الجارية ، والقاضي أبو الطيب في العبد أنه لا يرد بالكفر ، وأطلق الإمام الكلام إذا اشترى عبدا فخرج كافرا .

ونقل عن عامة الأصحاب أنه عيب ، وعن العراقيين أنهم ذكروا وجها أنه ليس بعيب . وفصل هو إن كان الإسلام غالبا في موضع العبد والكفر منقص قيمته فهو عيب ، وإن لم يكن الإيمان غالبا في العبيد ، بل كانوا منقسمين . وكان الكفر منقصا للقيمة ، فهذا فيه تردد ، وظاهر القياس أنه ليس بعيب ، والظاهر النقل أنه عيب ، وإن لم يكن الكفر منقصا ، والعادات مضطربة فالوجه القطع بأن الكفر لا يكون عيبا . وقال قبل باب بيع حبل الحبلة : إذا اشترى المسلم عبدا فخرج كافرا إن اشتراه في بلاد الإسلام فله رده ، فإنه نادر في هذه الديار ، وإن اشتراه في دار الحرب فخرج كافرا فالذي ذهب إليه الأكثرون أنه لا يرد ، وكان شيخي يقول : يثبت الخيار ، ومما ذكره الإمام يخرج وجه رابع أن الكفر عيب مطلقا ، وما نقله عن الأكثرين هنا موافق لما قاله صاحب التهذيب

التالي السابق


الخدمات العلمية