صفحة جزء
( 2421 ) فصل : فمن فعل مما حرم عليه شيئا ، ففيه روايتان : إحداهما ، لا جزاء فيه . وهذا قول أكثر أهل العلم . وهو قول مالك ، والشافعي في الجديد ; لأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام ، فلم يجب فيه جزاء ، كصيد وج . والثانية ، يجب فيه الجزاء .

وروي ذلك عن ابن أبي ذئب . وهو قول الشافعي في القديم ، وابن المنذر ; لأن [ ص: 172 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إني أحرم المدينة ، مثلما حرم إبراهيم مكة } . ونهى أن يعضد شجرها ، ويؤخذ طيرها ، فوجب في هذا الحرم الجزاء ، كما وجب في ذلك ، إذ لم يظهر بينهما فرق ، وجزاؤه إباحة سلب القاتل لمن أخذه ; لما روى مسلم ، بإسناده عن عامر بن سعد ، أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق ، فوجد عبدا يقطع شجرا ، أو يخبطه ، فسلبه ، فلما رجع سعد جاء أهل العبد ، فكلموه أن يرد على غلامهم ، أو عليهم ، فقال : معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأبى أن يرد عليهم . وعن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من أخذ أحدا يصيد فيه ، فليسلبه } رواه أبو داود . فعلى هذا يباح لمن وجد آخذ الصيد أو قاتله ، أو قاطع الشجر سلبه ، وهو أخذ ثيابه حتى سراويله . فإن كان على دابة لم يملك أخذها ; لأن الدابة ليست من السلب ، وإنما أخذها قاتل الكافر في الجهاد ; لأنه يستعان بها على الحرب ، بخلاف مسألتنا . وإن لم يسلبه أحد ، فلا شيء عليه ، سوى الاستغفار والتوبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية