صفحة جزء
( 2439 ) مسألة : قال : ( وإن منع من الوصول إلى البيت بمرض ، أو ذهاب نفقة ، بعث بهدي ، إن كان معه ، ليذبحه بمكة ، وكان على إحرامه حتى يقدر على البيت ) المشهور في المذهب أن من يتعذر عليه الوصول إلى البيت بغير حصر العدو ، من مرض ، أو عرج ، أو ذهاب نفقة ، ونحوه ، أنه لا يجوز له التحلل بذلك .

روي ذلك عن ابن عمر ، وابن عباس ، ومروان . وبه قال مالك ، والشافعي ، وإسحاق . وعن أحمد ، رواية أخرى : له التحلل بذلك . روي نحوه عن ابن مسعود ، وهو قول عطاء ، والنخعي ، والثوري ، وأصحاب الرأي وأبي ثور ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من كسر ، أو عرج فقد حل ، وعليه حجة أخرى } . رواه النسائي .

ولأنه محصر يدخل في عموم قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } . يحققه أن لفظ الإحصار إنما هو للمرض ونحوه ، يقال : أحصره المرض إحصارا ، فهو محصر ، وحصره العدو ، حصرا ، فهو محصور . فيكون اللفظ صريحا في محل النزاع ، وحصر العدو مقيس عليه . ولأنه مصدود عن البيت ، أشبه من صده عدو .

ووجه الأولى أنه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله ، ولا التخلص من الأذى الذي به ، بخلاف حصر العدو . ولأن { النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير ، فقالت : إني أريد الحج ، وأنا شاكية . فقال : حجي ، واشترطي أن محلي حيث حبستني } . فلو كان المرض يبيح الحل ، ما احتاجت إلى شرط . وحديثهم متروك الظاهر ، فإن مجرد الكسر والعرج لا يصير به حلالا ، فإن حملوه على أنه يبيح التحلل ، حملناه على ما إذا اشترط الحل بذلك ، على أن في حديثهم كلاما ، فإنه يرويه ابن عباس ، ومذهبه خلافه .

فإن قلنا : يتحلل . فحكمه حكم من أحصر بعدو على ما مضى . وإن قلنا : لا يتحلل . فإنه يقيم على إحرامه ، ويبعث ما معه من الهدي ليذبح بمكة ، وليس له نحره في مكانه ; لأنه لم يتحلل . فإن فاته الحج ، تحلل بعمرة ، كغير المريض .

التالي السابق


الخدمات العلمية