صفحة جزء
( 2593 ) مسألة : قال : ( وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد ، إلا أن عليه دما ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام ، آخرها يوم عرفة ، وسبعة إذا رجع ) المشهور عن أحمد ، أن القارن بين الحج والعمرة ، لا يلزمه من العمل إلا ما يلزم المفرد ، وأنه يجزئه طواف واحد ، وسعي واحد ، لحجه وعمرته . نص عليه في رواية جماعة من أصحابه .

وهذا قول ابن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وبه قال عطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وابن المنذر .

وعن أحمد رواية ثانية ، أن عليه طوافين وسعيين . ويروى ذلك عن الشعبي ، وجابر بن زيد ، وعبد الرحمن بن الأسود . وبه قال الثوري ، والحسن بن صالح ، وأصحاب الرأي .

وقد روي عن علي ، ولم يصح عنه . واحتج بعض من اختار ذلك بقول الله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } . وتمامهما ، أن يأتي بأفعالهما على الكمال ، ولم يفرق بين القارن وغيره . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من جمع بين الحج والعمرة فعليه طوافان } . ولأنهما نسكان ، فكان لهما طوافان ، كما لو كانا منفردين . ولنا ، ما روي عن عائشة ، رضي الله عنها أنها قالت : { وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة ، فإنما طافوا لهما طوافا واحدا } . متفق عليه . وفي مسلم ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ، لما قرنت بين الحج والعمرة : يسعك طوافك لحجك وعمرتك } . وعن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أحرم بالحج والعمرة ، أجزأه [ ص: 242 ] طواف واحد ، وسعي واحد عنهما جميعا } . وعن جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة ، فطاف لهما طوافا واحدا } . رواهما الترمذي ، وقال في كل واحد منهما : حديث حسن .

وروى ليث ، عن طاوس ، وعطاء ، ومجاهد ، عن جابر ، وابن عمر ، وابن عباس ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف بالبيت هو وأصحابه لعمرتهم وحجهم إلا طوافا واحدا } . رواه الأثرم ، وابن ماجه . وعن سلمة ، قال : حلف طاوس ما طاف أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم للحج والعمرة إلا طوافا واحدا . ولأنه ناسك يكفيه حلق واحد ، ورمي واحد ، فكفاه طواف واحد ، وسعي واحد ، كالمفرد ، ولأنهما عبادتان من جنس واحد ، فإذا اجتمعتا دخلت أفعال الصغرى في الكبرى ، كالطهارتين .

وأما الآية ، فإن الأفعال إذا وقعت لهما فقد تما . وأما الحديث الذي احتجوا به ، فلا نعلم صحته ، ورواه الدارقطني من طرق ضعيفة ، في بعضها الحسن بن عمارة ، وفي بعضها عمر بن يزيد ، وفي بعضها حفص بن أبي داود ، وكلهم ضعفاء ، وكفى به ضعفا معارضته لما روينا من الأحاديث الصحيحة .

وإن صح ، فيحتمل أنه أراد : عليه طواف وسعي . فسماهما طوافين ، فإن السعي يسمى طوافا ; قال الله تعالى : { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } . ويحتمل أنه أراد : عليه طوافان ; طواف الزيارة ، وطواف الوداع .

التالي السابق


الخدمات العلمية