صفحة جزء
( 2774 ) فصل : وإذا وصف المبيع للمشتري ، فذكر له من صفاته ما يكفي في صحة السلم ، صح بيعه في ظاهر المذهب . وهو قول أكثر أهل العلم . وعن أحمد ، لا يصح حتى يراه ; لأن الصفة لا تحصل بها معرفة المبيع ، فلم يصح البيع بها كالذي لا يصح السلم فيه .

ولنا ، أنه بيع بالصفة ، فصح كالسلم ، ولا نسلم أنه لا تحصل به معرفة المبيع ، فإنها تحصل بالصفات الظاهرة التي يختلف بها الثمن ظاهرا ، وهذا يكفي ; بدليل أنه يكفي في السلم ، وأنه لا يعتبر في الرؤية الاطلاع على الصفات الخفية ، وأما ما لا يصح السلم فيه ، فلا يصح بيعه بالصفة ; لأنه لا يمكن ضبطه بها .

إذا ثبت هذا ، فإنه متى وجده على الصفة ، لم يكن له الفسخ . وبهذا قال محمد بن سيرين ، وأيوب ، ومالك ، والعنبري ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وابن المنذر . وقال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه : له الخيار بكل حال ; لأنه يسمى بيع خيار الرؤية ، ولأن الرؤية من تمام العقد ، فأشبه غير الموصوف .

ولأصحاب الشافعي وجهان كالمذهبين . ولنا ، أنه سلم له المعقود عليه بصفاته ، فلم يكن له الخيار كالمسلم فيه ، ولأنه مبيع موصوف ، فلم يكن للعاقد فيه الخيار في جميع الأحوال ، كالسلم . وقولهم : إنه يسمى بيع خيار الرؤية . لا نعرف صحته ، فإن ثبت ، فيحتمل أن يسميه من يرى ثبوت الخيار ، ولا يحتج به على غيره ، فأما إن وجده بخلاف الصفة فله الخيار ، ويسمى خيار الخلف في الصفة ; لأنه وجد الموصوف بخلاف الصفة ، فلم يلزمه كالسلم .

وإن اختلفا ، فقال البائع : لم تختلف الصفة . وقال المشتري : قد اختلفت . فالقول قول المشتري ; لأن الأصل براءة ذمته من الثمن ، فلا يلزمه ، ما لم يقر به ، أو يثبت ببينة أو ما يقوم مقامها .

التالي السابق


الخدمات العلمية