صفحة جزء
( 2825 ) فصل : فأما ما فيه غيره ، كالخبز ، وغيره ، فهو نوعان ; أحدهما ، أن يكون ما فيه من غيره غير مقصود في نفسه ، إنما جعل فيه لمصلحته ، كالخبز والنشاء ، فيجوز بيع كل واحد منهما بنوعه ، إذا تساويا في النشافة والرطوبة . ويعتبر التساوي في الوزن ; لأنه يقدر به في العادة ، ولا يمكن كيله .

وقال مالك : إذا تحرى أن يكون مثلا بمثل ، فلا بأس به ، وإن لم يوزن . وبه قال الأوزاعي ، وأبو ثور . وحكي عن أبي حنيفة : لا بأس به قرصا بقرصين .

وقال الشافعي : لا يجوز بيع بعضه ببعض بحال ، إلا أن ييبس ، ويدق دقا ناعما ، ويباع بالكيل ، ففيه قولان ; لأنه مكيل يجب التساوي فيه ، ولا يمكن كيله ، فتعذرت المساواة فيه ، ولأن في كل واحد منهما من غير جنسه ، فلم يجز بيعه به ، كالمغشوش من الذهب والفضة ، وغيرهما .

ولنا ، على وجوب التساوي ، أنه مطعوم موزون ، فحرم التفاضل فيهما ، كاللحم ، واللبن ، ومتى وجب التساوي ، وجبت معرفة حقيقة التساوي في المعيار الشرعي ، كالحنطة بالحنطة ، والدقيق بالدقيق . ولنا على الشافعي ، أن معظم نفعه في حال رطوبته ، فجاز بيعه به ، كاللبن باللبن . ولا يمتنع أن يكون موزونا ، أصله غير موزون ، كاللحم ، والأدهان .

ولا يجوز بيع الرطب باليابس ; لانفراد أحدهما بالنقص في ثاني الحال ، فأشبه الرطب بالتمر . ولا يمنع زيادة أخذ النار من أحدهما أكثر من الآخر حال رطوبتهما إذا لم يكثر ; لأن ذلك يسير ، ولا يمكن التحرز منه ، أشبه بيع الحديثة بالعتيقة . ولا يلزم ما فيه من الملح والماء ; لأن ذلك ليس بمقصود فيه ، ويراد لمصلحته ، فهو كالملح في الشيرج .

وإن يبس الخبز ، فدق ، وجعل فتيتا ، بيع بمثله كيلا ; لأنه أمكن كيله ، فرد إلى أصله . وقال ابن عقيل : فيه وجه آخر ، أنه يباع بالوزن ; لأنه انتقل إليه . النوع الثاني ، ما فيه غيره مما هو مقصود ، كالهريسة ، والخزيرة ، والفالوذج ، وخبز الأبازير ، والخشكنانج ، والسنبوسك ، ونحوه ، فلا يجوز بيع بعضه ببعض ، ولا بيع نوع بنوع آخر ; لأن كل واحد منهما يشتمل على ما ليس من جنسه ، وهو مقصود ، كاللحم في الهريسة ، والعسل في الفالوذج والماء ، والدهن في الخزيرة . ويكثر التفاوت في ذلك ، فلا يتحقق التماثل فيه . وإذا لم يمكن التماثل في النوع الواحد ، ففي النوعين أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية