صفحة جزء
( 3037 ) مسألة ; قال : ( ومن باع عبدا وله مال ، فماله للبائع ، إلا أن يشترطه المبتاع ، إذا كان قصده للعبد لا للمال ) وجملة ذلك ، أن السيد إذا باع عبده ، أو جاريته ، وله مال ملكه إياه مولاه ، أو خصه به ، فهو للبائع ; لما روى ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من باع عبدا ، وله مال ، فماله للبائع ، إلا أن يشترطه المبتاع . } رواه مسلم ، وأبو داود ، وابن ماجه . ولأن العبد وماله للبائع ، فإذا باع العبد اختص البيع به دون غيره ، كما لو كان له عبدان فباع أحدهما .

وإن اشترطه المبتاع كان له ; للخبر ، وروى ذلك نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقضى به شريح ، وبه قال عطاء ، وطاوس ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق . قال الخرقي : إذا كان قصده للعبد لا للمال . هذا منصوص أحمد ، وهو قول الشافعي ، وأبي ثور ، وعثمان البتي . ومعناه ، أنه لا يقصد بالبيع شراء مال العبد ، إنما يقصد بقاء المال لعبده ، وإقراره في يده ، فمتى كان كذلك ، صح اشتراطه ، ودخل في البيع به ، سواء كان المال معلوما أو مجهولا ، من جنس الثمن أو من غيره ، عينا كان أو دينا ، وسواء كان مثل الثمن أو أقل أو أكثر .

قال البتي : إذا باع عبدا بألف درهم ، ومعه ألف درهم ، فالبيع جائز إذا كانت رغبة المبتاع في العبد لا في الدراهم ; وذلك لأنه دخل في البيع تبعا غير مقصود ، فأشبه أساسات الحيطان ، والتمويه بالذهب في السقوف ، فأما إن كان المال مقصودا بالشراء ، جاز اشتراطه إذا وجدت فيه شرائط البيع ، من العلم به ، وأن لا يكون بينه وبين الثمن ربا ، كما يعتبر ذلك في العينين المبيعتين ; لأنه مبيع مقصود ، فأشبه ما لو ضم إلى العبد عينا أخرى وباعهما .

وقال القاضي : هذا ينبني على كون العبد يملك أو لا يملك ، فإن قلنا : لا يملك . فاشترط المشتري ماله صار مبيعا معه ، فاشترط فيه ما يشترط في سائر المبيعات . وهذا مذهب أبي حنيفة . وإن قلنا : يملك . احتملت فيه الجهالة وغيرها مما ذكرنا من قبل ; لأنه تبع في البيع لا أصل ، فأشبه طي الآبار . وهذا خلاف نص أحمد وقول الخرقي ; لأنهما جعلا الشرط الذي يختلف الحكم به قصد المشتري دون غيره ، وهو أصح إن شاء الله تعالى ، واحتمال الجهالة فيه لكونه غير مقصود ، كما ذكرنا ، كاللبن في ضرع الشاة المبيعة ، والحمل في بطنها ، والصوف على ظهرها ، وأشباه ذلك ، فإنه مبيع ، ويحتمل فيه الجهالة وغيرها ، لما ذكرنا .

وقد قيل : إن المال ليس بمبيع هاهنا ، وإنما استبقاء المشتري على ملك العبد لا يزول عنه إلى البائع . وهو قريب من الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية