صفحة جزء
( 3081 ) مسألة ; قال : ولا السمك في الآجام هذا قول أكثر أهل العلم . روي عن ابن مسعود أنه نهى عنه ، قال : إنه غرر . وكره ذلك الحسن والنخعي ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأبو يوسف وأبو ثور ولا نعلم لهم مخالفا ; لما ذكرنا من الحديث . والمعنى لا يجوز بيعه في الماء إلا أن يجتمع ثلاثة شروط ; أحدها ، أن يكون مملوكا . الثاني ، أن يكون الماء رقيقا ، لا يمنع مشاهدته ومعرفته . الثالث ، أن يمكن اصطياده وإمساكه . فإن اجتمعت هذه الشروط ، جاز بيعه ; لأنه مملوك [ ص: 143 ] معلوم مقدور على تسليمه ; فجاز بيعه ، كالموضوع في الطست .

وإن اختل شرط مما ذكرنا ، لم يجز بيعه ; لذلك . وإن اختلت الثلاثة ، لم يجز بيعه ; لثلاث علل . وإن اختل اثنان منها ، لم يجز بيعه ; لعلتين . وروي عن عمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى في من له أجمة يحبس السمك فيها ، يجوز بيعه ; لأنه يقدر على تسليمه ظاهرا ، أشبه ما يحتاج إلى مؤنة في كيله ووزنه ونقله . ولنا ، ما روي عن ابن عمر وابن مسعود أنهما قالا : لا تشتروا السمك في الماء ، فإنه غرر . ولأن النبي : صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع الغرر } ، وهذا منه . ولأنه لا يقدر على تسليمه إلا بعد اصطياده ، أشبه الطير في الهواء ، والعبد الآبق ; لأنه مجهول ، فلم يصح بيعه ، كاللبن في الضرع ، والنوى في التمر ، ويفارق ما ذكروه ; لأن ذلك من مؤنة القبض ، وهذا يحتاج إلى مؤنة ليمكن قبضه ، فأما إن كانت له بركة فيها سمك له يمكن اصطياده بغير كلفة ، والماء رقيق لا يمنع مشاهدته ، صح بيعه ، وإن لم يمكن إلا بمشقة ، وكلفة يسيرة ، بمنزلة كلفة اصطياده الطائر من البرج ، فالقول فيه كالقول في بيع الطائر في البرج ، على ما ذكرنا فيه من الخلاف .

وإن كانت كثيرة ، وتتطاول المدة فيه ، لم يجز بيعه ; للعجز عن تسليمه ، والجهل لوقت إمكان التسليم .

التالي السابق


الخدمات العلمية