صفحة جزء
( 35 ) فصل : وإن تنجس العجين ونحوه فلا سبيل إلى تطهيره ; لأنه لا يمكن غسله ، وكذلك إن نقع السمسم أو شيء من الحبوب في الماء النجس ، حتى انتفخ وابتل ، لم يطهر . قيل لأحمد في سمسم نقع في تيغار ، فوقعت فيه فأرة ، فماتت ؟ قال : لا ينتفع بشيء منه . قيل : أفيغسل مرارا حتى يذهب ذلك الماء ؟ قال : أليس قد [ ص: 39 ] ابتل من ذلك الماء ; لا ينقى منه وإن غسل .

إذا ثبت هذا فإن أحمد قال في العجين والسمسم : يطعم النواضح ، ولا يطعم لما يؤكل لحمه . يعني لما يؤكل لحمه قريبا . وقال مجاهد ، وعطاء ، والثوري ، وأبو عبيد : يطعم الدجاج . وقال مالك ، والشافعي : يطعم البهائم .

وقال ابن المنذر : لا يطعم شيئا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { سئل عن شحوم الميتة تطلى بها السفن ، ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال لا هو حرام } متفق عليه ، وهذا في معناه . ولنا : ما روى أحمد ، بإسناده ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، { أن قوما اختبزوا من آبار الذين ظلموا أنفسهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أعلفوه النواضح } واحتج به أحمد .

وقال في كسب الحجام : " أطعمه ناضحك أو رقيقك " . وقال أحمد : ليس هذا بميتة . يعني أن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما تناول الميتة ، وليس هذا بداخل في النهي ، ولا في معناها ; ولأن استعمال شحوم الميتة فيما سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم يفضي إلى تعدي نجاستها ، واستعمال ما دهنت به من الجلود ، فيكون مستعملا للنجاسة ، وليس كذلك هاهنا ; فإن نجاسة هذا لا تتعدى أكله .

قال أحمد : ولا يطعم لشيء يؤكل في الحال ، ولا يحلب لبنه ، لئلا يتنجس به ، ويصير كالجلال .

التالي السابق


الخدمات العلمية