صفحة جزء
( 507 ) مسألة : قال والحامل لا تحيض ، إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين ، أو ثلاثة فيكون دم نفاس مذهب أبي عبد الله رحمه الله أن الحامل لا تحيض ، وما تراه من الدم فهو دم فساد وهو قول جمهور التابعين ; منهم : سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والحسن ، وجابر بن زيد وعكرمة ، ومحمد بن المنكدر ، والشعبي ، ومكحول وحماد والثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وابن المنذر وأبو عبيد وأبو ثور وروي عن عائشة رضي الله عنها والصحيح عنها أنها إذا رأت الدم لا تصلي .

وقال مالك والشافعي ، والليث : ما تراه من الدم حيض إذا أمكن وروي ذلك عن الزهري ، وقتادة ، وإسحاق لأنه دم صادف عادة ، فكان حيضا كغير الحامل ، ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة } فجعل وجود الحيض علما على براءة الرحم ، فدل ذلك على أنه لا يجتمع معه .

واحتج إمامنا بحديث سالم عن أبيه { أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ، ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا } فجعل الحمل علما على عدم الحيض ، كما جعل الطهر علما عليه ; ولأنه زمن لا يعتادها الحيض فيه غالبا ، فلم يكن ما تراه فيه حيضا كالآيسة قال أحمد إنما يعرف النساء الحمل بانقطاع الدم ، وقول عائشة يحمل على الحبلى التي قاربت الوضع ، جمعا بين قوليها ، فإن الحامل إذا رأت الدم قريبا من ولادتها فهو نفاس ، تدع له الصلاة كذلك قال [ ص: 219 ] إسحاق : وقال الحسن : إذا رأت الدم على الولد أمسكت عن الصلاة .

وقال يعقوب بن بختان سألت أحمد عن المرأة إذا ضربها المخاض قبل الولادة بيوم أو يومين تعيد الصلاة ؟ قال : لا وقال إبراهيم النخعي : إذا ضربها المخاض فرأت الدم قال : هو حيض . وهذا قول أهل المدينة ، والشافعي وقال عطاء : تصلي ولا تعده حيضا ولا نفاسا .

ولنا : أنه دم خرج بسبب الولادة فكان نفاسا ، كالخارج بعده وإنما يعلم خروجه بسبب الولادة إذا كان قريبا منها ويعلم ذلك برؤية أماراتها ; من المخاض ونحوه في وقته : وأما إن رأت الدم من غير علامة على قرب الوضع ، لم تترك له العبادة ; لأن الظاهر أنه دم فساد فإن تبين كونه قريبا من الوضع ، كوضعه بعده بيوم أو بيومين أعادت الصوم المفروض إن صامته فيه . وإن رأته عند علامة على الوضع تركت العبادة . فإن تبين بعده عنها أعادت ما تركته من العبادات الواجبة ; لأنها تركتها من غير حيض ولا نفاس .

التالي السابق


الخدمات العلمية