صفحة جزء
( 720 ) فصل : ولا تجب مباشرة المصلي بشيء من هذه الأعضاء قال القاضي : إذا سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله ، فالصلاة صحيحة رواية واحدة . وهذا مذهب مالك ، وأبي حنيفة . وممن رخص في السجود على الثوب في الحر والبرد عطاء ، وطاوس ، والنخعي ، والشعبي ، والأوزاعي ، ومالك ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . ورخص في السجود على كور العمامة الحسن ، ومكحول ، وعبد الرحمن بن يزيد . وسجد شريح على برنسه ، وقال أبو الخطاب : لا يجب مباشرة المصلي بشيء من أعضاء السجود إلا الجبهة ، فإنها على روايتين . وقد روى الأثرم ، قال : سألت أبا عبد الرحمن عن السجود على كور العمامة ؟ فقال : لا يسجد على كورها ، ولكن يحسر العمامة .

وهذا يحتمل المنع ، وهو مذهب الشافعي ; لما روي عن خباب ، قال : { شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا . فلم يشكنا . } رواه مسلم . ولأنه سجد على ما هو حامل له ، أشبه ما إذا سجد على يديه . ولنا ما روى أنس ، قال : { كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود . } رواه البخاري ، ومسلم . وعن ثابت بن الصامت { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بني عبد الأشهل ، وعليه كساء ملتف به يضع يديه عليه ، يقيه برد الحصى } . وفي رواية : { فرأيته واضعا يديه على قرنه إذا سجد } . رواه ابن ماجه .

ورويعن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه سجد على كور العمامة } ، وهو ضعيف . وقال الحسن : كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ، ويده في كمه . ولأنه عضو من أعضاء السجود ، فجاز السجود على حائله ، كالقدمين . فأما حديث خباب فالظاهر أنهم طلبوا منه تأخير الصلاة ، أو تسقيف المسجد ، أو نحو ذلك ، مما يزيل عنهم ضرر الرمضاء في جباههم وأكفهم ، أما الرخصة في السجود على كور العمامة ، فالظاهر أنهم لم يطلبوه ; لأن ذلك إنما طلبه الفقراء ، ولم يكن لهم عمائم ، ولا أكمام طوال يتقون بها الرمضاء ، فكيف يطلبون منه الرخصة فيها ؟ ولو احتمل ذلك ، لكنه لا يتعين ، فلم يحمل عليه دون غيره ؟ ولذلك لم يعملوا به في الأكف . قال أبو إسحاق : المنصوص عن الشافعي أنه لا يجب كشفهما .

قال : وقد قيل فيه قول آخر ، إنه يجب . وإن سجد على يديه لم يصح ، رواية واحدة ; لأنه سجد على عضو من أعضاء السجود ، فالسجود يؤدي إلى تداخل السجود ، بخلاف مسألتنا . وقال القاضي في " الجامع " : لم أجد عن أحمد نصا في هذه المسألة ، ويجب أن تكون مبنية على السجود على غير الجبهة . هل هو واجب ؟ على روايتين ; إن قلنا : لا يجب جاز ، كما لو سجد على العمامة . وإن قلنا : يجب لم يجز ; لئلا يتداخل محل السجود بعضه في بعض . والمستحب مباشرة المصلي بالجبهة واليدين ليخرج من الخلاف ، ويأخذ بالعزيمة .

قال أحمد : لا يعجبني إلا في الحر والبرد . وكذلك قال إسحاق ، وكان ابن عمر يكره السجود على كور العمامة ، وكان عبادة بن الصامت يحسر عمامته إذا قام إلى الصلاة ، وقال النخعي : أسجد على جبيني أحب إلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية