صفحة جزء
( 7168 ) مسألة : قال : ( ومن تلوط ، قتل ، بكرا كان أو ثيبا ، في إحدى الروايتين ، والأخرى حكمه حكم الزاني ) [ ص: 58 ] أجمع أهل العلم على تحريم اللواط ، وقد ذمه الله تعالى في كتابه ، وعاب من فعله ، وذمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط } .

واختلفت الرواية عن أحمد ، رحمه الله ، في حده ; فروي عنه ، أن حده الرجم ، بكرا كان أو ثيبا . وهذا قول علي ، وابن عباس ، وجابر بن زيد ، وعبد الله بن معمر ، والزهري ، وأبي حبيب ، وربيعة ، ومالك ، وإسحاق ، وأحد قولي الشافعي والرواية الثانية ، أن حده حد الزاني . وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والحسن ، والنخعي ، وقتادة ، والأوزاعي ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، وأبو ثور ، وهو المشهور من قولي الشافعي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أتى الرجل الرجل ، فهما زانيان } . ولأنه إيلاج فرج آدمي في فرج آدمي ، لا ملك له فيه ، ولا شبهة ملك ، فكان زنى كالإيلاج في فرج المرأة ، إذا ثبت كونه زنا دخل في عموم الآية والأخبار فيه ، ولأنه فاحشة ، فكان زنى ، كالفاحشة بين الرجل والمرأة . وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريق اللوطي . وهو قول ابن الزبير لما روى صفوان بن سليم ، عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة ، فكتب إلى أبي بكر ، فاستشار أبو بكر رضي الله عنه الصحابة فيه ، فكان علي أشدهم قولا فيه فقال : ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة ، وقد علمتم ما فعل الله بها ، أرى أن يحرق بالنار . فكتب أبو بكر إلى خالد بذلك ، فحرقه . وقال الحكم ، وأبو حنيفة : لا حد عليه ; لأنه ليس بمحل الوطء ، أشبه غير الفرج .

ووجه الرواية الأولى ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به } . رواه أبو داود . وفي لفظ : { فارجموا الأعلى والأسفل } . ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، فإنهم أجمعوا على قتله ، وإنما اختلفوا في صفته . واحتج أحمد رضي الله عنه بقول علي عليه السلام ، وأنه كان يرى رجمه ، ولأن الله تعالى عذب قوم لوط بالرجم ، فينبغي أن يعاقب من فعل فعلهم بمثل عقوبتهم . وقول من أسقط الحد عنه يخالف النص والإجماع ، وقياس الفرج على غيره لا يصح ; لما بينهما من الفرق . إذا ثبت هذا ، فلا فرق بين أن يكون في مملوك له أو أجنبي ; لأن الذكر ليس بمحل لوطء الذكر ، فلا يؤثر ملكه له . ولو وطئ زوجته أو مملوكته في دبرها ، كان محرما ، ولا حد فيه ; لأن المرأة محل للوطء في الجملة ، وقد ذهب بعض العلماء إلى حله ، فكان ذلك شبهة مانعة من الحد ، بخلاف التلوط .

التالي السابق


الخدمات العلمية