صفحة جزء
( 7800 ) فصل : قال أحمد : أكره لحوم الجلالة وألبانها . قال القاضي ، في " المجرد " : هي التي تأكل القذر ، فإذا كان أكثر علفها النجاسة ، حرم لحمها ولبنها . وفي بيضها روايتان . وإن كان أكثر علفها الطاهر ، لم يحرم أكلها ولا لبنها .

وتحديد الجلالة بكون أكثر علفها النجاسة ، لم نسمعه عن أحمد ، ولا هو ظاهر كلامه ، لكن يمكن تحديده بما يكون كثيرا في مأكولها ، ويعفى عن اليسير . وقال الليث : إنما كانوا يكرهون الجلالة التي لا طعام لها إلا الرجيع وما أشبهه . وقال ابن أبي موسى : في الجلالة روايتان ; إحداهما ، أنها محرمة . والثانية ، أنها مكروهة غير محرمة . وهذا قول الشافعي . وكره أبو حنيفة لحومها ، والعمل عليها حتى تحبس .

ورخص الحسن في لحومها وألبانها ; لأن الحيوانات لا تنجس بأكل النجاسات ، بدليل أن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه ، والكافر الذي يأكل الخنزير والمحرمات ، لا يكون ظاهره نجسا ، ولو نجس لما طهر بالإسلام ، ولا الاغتسال ، ولو نجست الجلالة ، لما طهرت بالحبس .

ولنا ، ما روى ابن عمر ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها . } رواه أبو داود . وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإبل الجلالة ، أن يؤكل لحمها ، ولا يحمل عليها إلا الأدم ، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة . } رواه الخلال بإسناده .

ولأن لحمها يتولد ، من النجاسة ، فيكون نجسا ، كرماد النجاسة . وأما شارب الخمر ، فليس ذلك أكثر غذائه ، وإنما يتغذى الطاهرات ، وكذلك الكافر في الغالب .

( 7801 ) فصل : وتزول الكراهة بحبسها اتفاقا . واختلف في قدره ، فروي عن أحمد ; أنها تحبس ثلاثا ، سواء كانت طائرا أو بهيمة . وكان ابن عمر إذا أراد أكلها حبسها ثلاثا .

وهذا قول أبي ثور ، لأن ما طهر حيوانا طهر الآخر ، كالذي نجس ظاهره . والأخرى ، تحبس الدجاجة ثلاثا ، والبعير والبقرة ونحوهما يحبس أربعين . وهذا قول عطاء ، في [ ص: 330 ] الناقة والبقرة ; لحديث عبد الله بن عمرو ، لأنهما أعظم جسما ، وبقاء علفهما فيهما أكثر من بقائه في الدجاجة والحيوان الصغير . والله أعلم .

( 7802 ) فصل : ويكره ركوب الجلالة . وهو قول عمر ، وابنه ، وأصحاب الرأي ; لحديث { عبد الله بن عمرو ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوبها } . ولأنها ربما عرقت ، فتلوث بعرقها .

التالي السابق


الخدمات العلمية