صفحة جزء
( 8268 ) فصل : فأما الرشوة في الحكم ، ورشوة العامل ، فحرام بلا خلاف . قال الله تعالى { أكالون للسحت } قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، في تفسيره : هو الرشوة . وقال : إذا قبل القاضي الرشوة ، بلغت به إلى الكفر وروى عبد الله بن عمرو قال : { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي . } قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . ورواه أبو هريرة ، وزاد : " في الحكم " . ورواه أبو بكر ، في " زاد المسافر " ، وزاد : " والرائش " وهو السفير بينهما .

ولأن المرتشي إنما يرتشي ليحكم بغير الحق ، أو ليوقف الحكم عنه ، وذلك من أعظم الظلم . قال مسروق : سألت ابن مسعود عن السحت ، أهو الرشوة في الحكم ؟ قال : لا ، { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } و { الظالمون } و { الفاسقون } ولكن السحت أن يستعينك الرجل على مظلمة ، فيهدي لك ، فلا تقبل . وقال قتادة : قال كعب : الرشوة تسفه الحليم ، وتعمي عين الحكيم . فأما الراشي فإن رشاه ليحكم له بباطل ، أو يدفع عنه حقا ، فهو ملعون ، وإن رشاه ليدفع ظلمه ، ويجزيه على واجبه ، فقد قال عطاء ، وجابر بن زيد ، والحسن : لا بأس أن يصانع عن نفسه . قال جابر بن زيد : ما رأينا في زمن زياد أنفع لنا من الرشا .

ولأنه يستنقذ ماله كما يستنقذ الرجل أسيره . فإن ارتشى الحاكم ، أو قبل هدية ليس له قبولها ، فعليه ردها إلى أربابها ; لأنه أخذها بغير حق ، فأشبه المأخوذ بعقد فاسد . ويحتمل أن يجعلها في بيت المال ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر ابن اللتبية بردها على أربابها . وقد قال أحمد : إذا أهدى البطريق لصاحب الجيش عينا أو فضة ، لم تكن له دون سائر الجيش . قال أبو بكر : يكونون فيه سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية