صفحة جزء
( 8291 ) فصل : وللإمام تولية القضاء في بلده وغيره ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم ولى عمر بن الخطاب القضاء ، وولى عليا ومعاذا .

وقال عثمان بن عفان لابن عمر : إن أباك قد كان يقضي وهو خير منك . قال : إن أبي قد كان يقضي ، وإن أشكل عليه شيء ، سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذكر الحديث .

رواه عمر بن شبة ، في كتاب " قضاة البصرة " .

وروى سعيد ، في " سننه " عن عمرو بن العاص . قال { : جاء خصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : يا عمرو ، اقض بينهما . قلت : أنت أولى بذلك مني يا رسول الله . قال : إن أصبت القضاء بينهما ، فلك عشر حسنات ، وإن أخطأت ، فلك حسنة } وعن عقبة بن عامر مثله .

ولأن الإمام يشتغل بأشياء كثيرة من مصالح المسلمين ، فلا يتفرغ للقضاء بينهم .

فإذا ولى قاضيا ، استحب أن يجعل له أن يستخلف ; لأنه قد يحتاج إلى ذلك ، فإذا أذن له في الاستخلاف ، جاز له بلا خلاف نعلمه ، وإن نهاه عنه ، لم يكن له أن يستخلف ; لأن ولايته بإذنه ، فلم يكن له ما نهاه عنه ، كالوكيل ، وإن أطلق ، فله الاستخلاف .

ويحتمل أن لا يكون له ذلك ; لأنه يتصرف بالإذن ، فلم يكن له ما لم يأذن فيه ، كالوكيل . ولأصحاب الشافعي في هذا وجهان .

ووجه الأول ، أن الغرض من القضاء الفصل بين المتخاصمين ، فإذا فعله بنفسه أو بغيره ، جاز ، كما لو أذن له ، ويفارق التوكيل ; لأن الإمام يولي القضاء للمسلمين ، لا لنفسه ، بخلاف التوكيل ، فإن استخلف في موضع ليس له الاستخلاف ، فحكمه حكم من لم يول .

التالي السابق


الخدمات العلمية