صفحة جزء
( 8296 ) فصل : وليس للحاكم أن يحكم لنفسه ، كما لا يجوز أن يشهد لنفسه ، فإن عرضت له حكومة مع بعض الناس ، جاز أن يحاكمه إلى بعض خلفائه ، أو بعض رعيته ; فإن عمر حاكم أبيا إلى زيد ، وحاكم رجلا عراقيا إلى شريح ، وحاكم علي اليهودي إلى شريح ، وحاكم عثمان طلحة إلى جبير بن مطعم ، فإن عرضت حكومة لوالديه ، أو ولده ، أو من لا تقبل شهادته له ، ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يجوز له الحكم فيها بنفسه ، وإن حكم ، لم ينفذ حكمه .

وهذا قول أبي حنيفة ، والشافعي ; لأنه لا تقبل شهادته له ، فلم ينفذ حكمه له كنفسه . والثاني ، ينفذ حكمه . اختاره أبو بكر ، وهو قول أبي يوسف ، وابن المنذر ، وأبي ثور ; لأنه حكم [ ص: 137 ] لغيره ، أشبه الأجانب .

وعلى القول الأول ، متى عرضت لهؤلاء حكومة ، حكم بينهم الإمام ، أو حاكم آخر ، أو بعض خلفائه ، فإن كانت الخصومة بين والديه ، أو ولديه ، أو والده وولده ، لم يجز له الحكم بينهما ، على أحد الوجهين ; لأنه لا تقبل شهادته لأحدهما على الآخر ، فلم يجز الحكم بينهما ، كما لو كان خصمه أجنبيا .

وفي الآخر ، يجوز . وهو قول بعض أصحاب الشافعي ; لأنهما سواء عنده ، فارتفعت تهمة الميل ، فأشبها الأجنبيين .

التالي السابق


الخدمات العلمية