صفحة جزء
( 8722 ) مسألة : قال : ( وإذا مات السيد ، كان العبد على كتابته ، وما أدى فبين ورثة سيده ، مقسوما كالميراث ) وجملة ذلك أن الكتابة لا تنفسخ بموت السيد ، لا نعلم فيه بين أهل العلم خلافا ; وذلك لأنه عقد لازم من جهته ، لا سبيل إلى فسخه ، فلم ينفسخ بموته ، كالبيع والإجارة .

إذا ثبت هذا ، فإن المكاتب يؤدي نجومه ، وما بقي منها ، إلى ورثته ; لأنه دين لموروثهم ، ويكون مقسوما بينهم على قدر مواريثهم ، كسائر ديونه ; فإن كان له أولاد ذكور وإناث ، فللذكر مثل حظ الأنثيين . ولا يعتق حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه ، فإن أدى إلى بعضهم دون بعض لم يعتق ، كما لو كان بين شركاء ، فأدى إلى بعضهم ، فإن كان بعضهم غائبا ، وكان له وكيل ، دفع نصيبه إلى وكيله ، وإن لم يكن له وكيل ، دفع نصيبه إلى الحاكم ، وعتق . وإن كان موليا عليه ، دفع نصيبه إلى وليه ; إما ابنه أو وصيه أو الحاكم أو أمينه . فإن كان له وصيان ، لم يبرأ إلا بالدفع إليهما معا .

وإن كان الوارث رشيدا ، قبض لنفسه ، ولا تصح الوصية إلى غيره ليقبض له ، لأن الرشيد ولي نفسه . وإن كان بعضهم رشيدا ، وبعضهم موليا عليه ، فحكم كل واحد منهم حكمه لو انفرد .

وإن أذن بعضهم له في الأداء إلى الآخر ، وكان الذي أذن له في ذلك رشيدا ، فأدى إلى الآخر جميع حقه ، عتق نصيبه ، فإن كان معسرا ، لم يسر إلى نصيب شريكه ، وإن كان موسرا ، عتق عليه كله ، وقوم عليه باقيه ، كما لو كان بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه . وهذا ظاهر كلام الخرقي . وهو أحد قولي الشافعي . وقال القاضي : لا يسري عتقه ، وإن كان موسرا . وهو القول الثاني للشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يعتق إلا بأداء جميع مال الكتابة ; لأنه أدى بعض مال الكتابة ، فأشبه ما لو أداه إلى السيد .

وإن أبرأه من مال الكتابة ، برئ منه ، وعتق . وإن أبرأه بعضهم ، عتق نصيبه ، وكذلك إن أعتق نصيبه منه ، عتق . والخلاف في هذا كله ، كالخلاف فيما إذا أدى إلى بعضهم بإذن الآخر .

ولنا ، على أنه يعتق نصيب من أبرأه من حقه عليه ، أو استوفى نصيبه بإذن شركائه ، أنه أبرأه من جميع ما له [ ص: 349 ] عليه ، فوجب أن يلحقه العتق ، كما لو أبرأه سيده من جميع مال الكتابة ، وفارق ما إذا أبرأه سيده من بعض مال الكتابة ; لأنه ما أبرأه من جميع حقه .

ولنا ، على سراية عتقه ، أنه إعتاق لبعض العبد الذي يجوز إعتاقه ، من موسر جائز التصرف ، غير محجور عليه ، فوجب أن يسري عتقه ، كما لو كان قنا ، ولأنه عتق حصل بفعله واختياره ، فسرى ، كمحل الوفاق . فإن قيل : في السراية ضرر بالشركاء ; لأنه قد يعجز ، فيرد إلى الرق . قلنا : إذا كان العتق في محل الوفاق يزيل الرق المتمكن ، الذي لا كتابة فيه ، فلأن يزيل عرضية ذلك بطريق الأولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية