صفحة جزء
( 8743 ) مسألة : قال : ( وليس للرجل أن يطأ مكاتبته ، إلا أن يشترط ) الكلام في هذه المسألة في فصلين : ( 8744 ) الفصل الأول : في وطئها بغير شرط ، وهو حرام في قول أكثر أهل العلم ، منهم : سعيد بن المسيب ، والحسن ، والزهري ، ومالك ، والليث ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . وقيل : له وطؤها في الوقت الذي لا يشغلها الوطء عن السعي عما هي فيه ; لأنها ملك يمينه ، فتدخل في عموم قوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانهم } .

ولنا ، أن الكتابة عقد أزال ملك استخدامها ، وملك عوض منفعة بضعها فيما إذا وطئت بشبهة ، فأزال حل وطئها ، كالبيع ، والآية مخصوصة بالمزوجة ، فنقيس عليها محل النزاع ، ولأن الملك هاهنا ضعيف ; لأنه قد زال عن منافعها ، جملة ، ولهذا لو وطئت بشبهة ، كان المهر لها ، وتفارق أم الولد ; فإن ملكه باق عليها ، وإنما يزول بموته فأشبهت المدبرة والموصى بها ، وإنما امتنع البيع ; لأنها استحقت العتق بموته استحقاقا لازما ، لا يمكن زواله . ( 8745 )

الفصل الثاني : إذا شرط وطأها ، فله ذلك . وبه قال سعيد بن المسيب . وقال سائر من ذكرنا : ليس له وطؤها ; لأنه لا يملكه مع إطلاق العقد ، فلم يملكه بالشرط ، كما لو زوجها أو أعتقها . [ ص: 359 ] وقال الشافعي : إذا شرط ذلك في عقد الكتابة ، فسد ; لأنه شرط فاسد ، فأفسد العقد ، كما لو شرط عوضا فاسدا . وقال مالك : لا يفسد العقد به ; لأنه لا يخل بركن العقد ، ولا شرطه ، فلم يفسده ، كالصحيح .

ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { المؤمنون عند شروطهم } . ولأنها مملوكة ، له شرط نفعها ، فصح ، كشرط استخدامها ، يحقق هذا أن منعه من وطئها مع بقاء ملكه عليها ، ووجود المقتضي لحل وطئها ، إنما كان لحقها ، فإذا شرطه عليها ، جاز ، كالخدمة ، ولأنه استثني بعض ما كان له ، فصح ، كاشتراط الخدمة ، وفارق البيع ; لأنه يزيل ملكه عنها .

التالي السابق


الخدمات العلمية