صفحة جزء
( 1021 ) مسألة : قال : ( ويصلي إذا كان في المسجد وأقيمت الصلاة وقد كان صلاها ) . وجملته أن من صلى فرضه ثم أدرك تلك الصلاة في جماعة ، استحب له إعادتها ، أي صلاة كانت ، بشرط أن تقام وهو في المسجد ، أو يدخل المسجد وهم يصلون . وهذا قول الحسن ، والشافعي ، وأبي ثور . فإن أقيمت صلاة الفجر أو العصر وهو خارج المسجد ، لم يستحب له الدخول . واشترط القاضي لجواز الإعادة في وقت النهي ، أن يكون مع إمام الحي . ولم يفرق الخرقي بين إمام الحي وغيره ، ولا بين المصلي جماعة وفرادى . وكلام أحمد يدل على ذلك أيضا . قال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن من صلى في جماعة ، ثم دخل المسجد وهم يصلون ، أيصلي معهم ؟ قال : نعم . وذكر حديث أبي هريرة : أما هذا فقد عصى أبا القاسم . إنما هي نافلة فلا يدخل ، فإن دخل صلى ، وإن كان قد صلى في جماعة ، قيل لأبي عبد الله : والمغرب ؟ قال : نعم ، إلا أنه في المغرب يشفع .

وقال مالك : إن كان صلى وحده أعاد المغرب ، وإن كان صلى في جماعة لم يعدها ; لأن الحديث الدال على الإعادة قال فيه : صلينا في رحالنا . وقال أبو حنيفة : لا تعاد الفجر ولا العصر ولا المغرب ; لأنها نافلة فلا يجوز فعلها في وقت النهي ; لعموم الحديث فيه ، ولا تعاد المغرب لأن التطوع لا يكون بوتر . وعن ابن عمر ، والنخعي : تعاد الصلوات كلها إلا الصبح والمغرب . وقال أبو موسى ، وأبو مجلز ، ومالك ، والثوري ، والأوزاعي : تعاد كلها إلا المغرب ، لئلا يتطوع بوتر . وقال الحاكم : إلا الصبح وحدها .

ولنا ، ما روى جابر بن يزيد بن الأسود ، عن أبيه ، قال : { شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف ، وأنا غلام شاب ، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه . فقال : علي بهما فأتي بهما ترعد فرائصهما ، فقال : ما منعكما أن تصليا معنا ؟ ، فقالا : يا رسول الله ، قد صلينا في رحالنا . قال : لا تفعلا ، إذا صليتما في رحالكما ، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم ; فإنها لكم نافلة } . رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال حديث حسن صحيح والأثرم .

وروى مالك ، في " الموطأ " عن زيد بن أسلم عن بسر بن محجن ، عن أبيه ، { أنه كان جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن للصلاة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ، ثم رجع ومحجن في مجلسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منعك أن تصلي مع الناس ، ألست برجل مسلم ؟ . فقال : بلى يا رسول الله ، ولكني قد صليت في أهلي . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جئت فصل مع الناس ، وإن كنت قد صليت } . [ ص: 427 ] وعن أبي ذر قال : { إن خليلي - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - أوصاني أن أصلي الصلاة لوقتها ، فإذا أدركتها معهم فصل ، فإنها لك نافلة } . رواه مسلم .

وفي رواية : { فإن أدركتها معهم فصل ، ولا تقل : إني قد صليت ، فلا أصلي } . رواه النسائي . وهذه الأحاديث بعمومها تدل على محل النزاع ، وحديث يزيد بن الأسود صريح في إعادة الفجر ، والعصر مثلها ، والأحاديث بإطلاقها تدل على الإعادة ، سواء كان مع إمام الحي أو غيره ، وسواء صلى وحده أو في جماعة . وقد روى أنس ، قال : صلى بنا أبو موسى الغداة في المربد ، فانتهينا إلى المسجد الجامع ، فأقيمت الصلاة ، فصلينا مع المغيرة بن شعبة . وعن صلة ، عن حذيفة : أنه أعاد الظهر والعصر والمغرب ، وكان قد صلاهن في جماعة . رواهما الأثرم .

التالي السابق


الخدمات العلمية