كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( فصل ويستحب رفع القبر ) عن الأرض ( قدر شبر ) .

ليعرف أنه قبر ، فيتوقى ، ويترحم على صاحبه وقد روى الشافعي عن جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن الأرض قدر شبر } .

وعن القاسم بن محمد قال لعائشة يا أماه ، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور ، لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء رواه أبو داود .

( ويكره ) رفع القبر ( فوقه ) أي : فوق شبر لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي : { لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته } رواه مسلم وغيره والمشرف ما رفع كثيرا ، بدليل ما سبق عن القاسم بن محمد " لا مشرفة ولا لاطئة " ( وتسنيمه ) أي : القبر ( أفضل من تسطيحه ) لقول سفيان التمار " رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما رواه البخاري ، وعن الحسن مثله ولأن التسطيح أشبه بأبنية أهل الدنيا ( إلا بدار حرب ، إذا تعذر نقله ) أي : الميت ( فالأولى تسويته ) أي : القبر ( بالأرض وإخفاؤه ) أولى من إظهاره ، وتسنيمه ، خوفا من أن ينبش ، فيمثل به .

( ويسن أن يرش عليه ) أي : القبر ( الماء ، ويوضع عليه حصى صغار محلل به ، ليحفظ ترابه ) لما روى جعفر بن محمد عن أبيه أن { النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ماء ووضع عليه حصباء } رواه الشافعي ولأن ذلك أثبت له ، وأبعد لدروسه ، وأمنع لترابه من أن تذهبه الرياح ، والحصباء صغار الحصا ( ولا بأس بتطيينه ) أي : القبر ، لما تقدم من قول القاسم بن محمد في وصف قبره صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء .

( و ) لا بأس أيضا ب ( تعليمه بحجر أو خشبة أو نحوهما ) كلوح لما روى أبو داود بإسناده عن المطلب [ ص: 139 ] قال { لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته ، فدفن فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نأتيه بحجر فلم نستطع حمله فقام صلى الله عليه وسلم فحسر عن ذراعيه ، فحملها فوضعها عند رأسه وقال : أعلم بها قبر أخي ، أدفن إليه من مات من أهلي } رواه ابن ماجه من رواية أنس .

التالي السابق


الخدمات العلمية