كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( والغسل ) إما كامل وإما مجزئ ف ( الكامل ) المشتمل على الواجبات والسنن : ( أن ينوي ) أي : يقصد رفع الحدث الأكبر ، أو استباحة الصلاة ونحوها ( ثم يسمي ) فيقول : بسم الله ، لا يقوم غيرها مقامها ( ثم يغسل يديه ثلاثا ) كالوضوء ، لكن هنا آكد لاعتبار رفع الحدث عنهما ولفعله صلى الله عليه وسلم في حديث ميمونة { فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا } ويكون قبل إدخالهما الإناء ذكره في الكافي وغيره ( ثم يغسل ما لوثه من أذى ) لحديث عائشة { فيفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه } .

وظاهره : لا فرق بين أن يكون على فرجه أو بقية بدنه ، وسواء كان نجسا كما صرح به في المحرر أو مستقذرا طاهرا ، كالمني كما ذكره بعضهم ( ثم يضرب بيده الأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا ) لحديث عائشة المتفق عليه ( ثم يتوضأ كاملا ) لقوله صلى الله عليه وسلم { ثم يتوضأ وضوءه للصلاة } وعنه يؤخر غسل رجليه لحديث ميمونة ( ثم يحثي على رأسه ثلاثا ، يروي بكل مرة أصول شعره ) لقول ميمونة { ثم أفرغ على رأسه ثلاث حثيات } ولقول عائشة { ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات } ولقوله صلى الله عليه وسلم { تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشرة } رواه أبو داود .

يقال : حثوت أحثو حثوا ، كغزوت ، وحثيت أحثي حثيا كرميت ، واستحب الموفق أو غيره تخليل أصول شعر رأسه قبل إفاضة الماء عليه ، لحديث عائشة ( ثم يفيض الماء على بقية جسده ) لقول عائشة { ثم أفاض على سائر جسده } ولقول ميمونة { ثم غسل سائر جسده } ( ثلاثا ) قياسا على الوضوء ( يبدأ بشقه الأيمن ، ثم ) بشقه [ ص: 153 ] ( الأيسر ) لما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم { كان يعجبه التيمن في طهوره } ( ويدلك بدنه بيديه ) ; لأنه أنقى ، وبه يتيقن وصول الماء إلى مغابنه وجميع بدنه ، وبه يخرج من الخلاف .

قال في الشرح : يستحب إمرار يده على جسده في الغسل والوضوء ، ولا يجب إذا تيقن أو غلب على ظنه وصول الماء إلى جميع جسده ( ويتفقد أصول شعره ) لقوله صلى الله عليه وسلم { تحت كل شعرة جنابة } ( وغضاريف أذنيه ، وتحت حلقه وإبطيه ، وعمق سرته وحالبيه ) .

قال في الصحاح : الحالبان عرقان يكتنفان السرة ( وبين أليته وطي ركبتيه ) ليصل الماء إليها ( ويكفي الظن في الإسباغ ) أي : في وصول الماء إلى البشرة ; لأن اعتبار اليقين حرج ومشقة ( ثم يتحول عن موضعه فيغسل قدميه ، ولو ) كان ( في حمام ونحوه ) مما لا طين فيه لقول ميمونة { ثم تنحى عن مقامه فغسل رجليه } .

( وإن أخر غسل قدميه في وضوئه فغسلهما آخر غسله فلا بأس ) لوروده في حديث ميمونة ( وتسن موالاة ) في الغسل بين غسل جميع أجزاء البدن ، لفعله صلى الله عليه وسلم ( ولا تجب ) الموالاة في الغسل ( كالترتيب ) ; لأن البدن شيء واحد بخلاف أعضاء الوضوء ( فلو اغتسل إلا أعضاء الوضوء ) ثم أراد غسلها من الحدثين ( لم يجب الترتيب فيها ) ولا الموالاة ( لأن حكم الجنابة باق ، وإن فاتت الموالاة ) قبل إتمام الغسل ، بأن جف ما غسله من بدنه بزمن معتدل وأراد أن يتم غسله ( جدد لإتمامه نية وجوبا ) لانقطاع النية بفوات الموالاة ، فيقع غسل ما بقي بدون نية .

( ويسن سدر في غسل كافر أسلم ) لحديث { قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر } رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه .

( و ) يسن ( إزالة شعره ، فيحلق رأسه ، إن كان رجلا ) ويأخذ عانته وإبطيه مطلقا ، لقوله صلى الله عليه وسلم لرجل أسلم { ألق عنك شعر الكفر ، واختتن } رواه أبو داود ( ويغسل ثيابه ) قال أحمد : قال بعضهم : إن قلنا بنجاستها ، وجب وإلا استحب .

( ويختتن ) الكافر إذا أسلم ( وجوبا بشرطه ) وهو أن يكون مكلفا ، وأن لا يخاف على نفسه منه ( ويسن سدر في غسل حيض ونفاس ) لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : { إذا كنت حائضا خذي ماءك وسدرك وامتشطي } وروت { أسماء أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل الحيض فقال : تأخذ إحداكن ماءها وسدرها فتطهر } الحديث رواه مسلم والنفاس كالحيض .

( و ) يسن أيضا ( أخذها مسكا ، إن لم تكن محرمة فتجعله في فرجها في قطنة أو غيرها ) كخرقة [ ص: 154 ] ( بعد غسلها ليقطع الرائحة ) أي : رائحة الحيض أو النفاس ، { لقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء لما سألته عن غسل الحيض : ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها } رواه مسلم من حديث عائشة والفرصة القطعة من كل شيء ( فإن لم تجد ) مسكا ( فطيبا ) لقيامه مقام المسك في ذلك لا لمحرمة فإن الطيب بأنواعه يمتنع عليها لما يأتي في الإحرام ( فإن لم تجد فطينا ، ولو محرمة فإن تعذر فالماء ) الطهور ( كاف ) لحصول الطهارة به .

التالي السابق


الخدمات العلمية