كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
فصل ( وأدوات الشرط ) أي الألفاظ التي يؤدى بها معنى الشرط أسماء كانت أو حروفا ( المستعملة في طلاق وعتق غالبا ست إن ) بكسر الهمزة وسكون النون ( وإذا ومتى ومن ) بفتح الميم وسكون النون ( وأي ) بفتح الهمزة وبتشديد الياء ( وكلما وهي ) أي : كلما ( وحدها للتكرار ) لأنها تعم الأوقات فهي بمعنى كل وقت فإذا قلت : كلما قمت قمت فهو بمعنى كل وقت تقوم فيه أقوم فيه فلذلك وجب فيها التكرار بخلاف متى فإنها اسم زمان بمعنى أي وقت وبمعنى إذا ، فلا تقتضي ما لا يقتضيانه ، وكونها تستعمل للتكرار في الأحيان لا يمنع استعمالها في غيره مثل إذا وأي وقت فإنهما يستعملان في الأمرين قال تعالى { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم } - { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم } - { وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها } .

وكذلك أي وقت وأي زمان فإنهما يستعملان للتكرار ، وسائر الحروف يجازى بها إلا أنها لما كانت تستعمل للتكرار وغيره لا تحمل على التكرار إلا بدليل ، كذلك وقوله غالبا أشار إلى أن هناك أدوات تستعمل في طلاق وعتق كحيثما ومهما ولو وما أشبهها من أدوات الشرط لكن لم يغلب استعمالها فيهما ( وكلها ) أي كل الأدوات المذكورة وهي إن وإذا ومتى ومن وأي وكلما ( ومهما ولو على التراخي إذا تجردت عن لم أو نية فورا أو قرينة ) لأنها لا تقتضي وقتا بعينه دون غيره فهي مطلقة في الزمان كله ( فأما إذا نوى [ ص: 287 ] الفورية أو كانت هناك قرينة تدل عليها ) أي على الفورية .

( فإنه ) أي المعلق من طلاق أو عتق أو نحوه ( يقع في الحال ولو تجردت ) الأداة ( عن لم ) حملا على النية أو القرينة ( فإذا اتصلت ) هذه الأدوات ( ثم صارت على الفور ) لأن متى وأيا وإذا وكلما تعم الزمان كله فأي زمن وجدت الصفة فيه وجب الحكم بوقوع الطلاق ، ولا بد أن يلحظ في أي كونها مضافة إلى زمن فإن أضيفت إلى شخص كان حكمها حكم من ، قال في المبدع : وظاهره أن من للفور يعني مع لم وصرح به في المغني وفيه نظر ، فإن من لا دلالة لها على الزمان إلا ضرورة أن الفعل لا يقع إلا في زمان فهي بمنزلة إن انتهى .

وهو معنى كلام الشارح قال : وأما كلما فدلالتها على الزمن أقوى من دلالة أي ومتى فإذا صارتا للفور عند اتصالهما بلم فلأن تصير كلما كذلك بطريق الأولى ( إلا أن فقط ) فإنها للتراخي ( نفيا وإثباتا مع عدم نية ) فور ( أو قرينة فور ) لأن حرف إن موضوع للشرط لا يقتضي زمنا ولا يدل عليه إلا من حيث إن الفعل المعلق به من ضرورته الزمان فلا يتعلق بزمان معين ، فإن كانت نية فور أو قرينته كانت للفور ( وسواء أضيفت إلى وقت أو ) أضيفت ( إلى الشخص ) كقوله أي وقت لم تقومي أو أيتكن لم تقم فهي طالق ( أو من إذا اتصلت بها لم ) فإنها تكون للفور ( فإذا قال إن ) قمت فأنت طالق ( أو ) قال ( إذا ) قمت فأنت طالق ( أو ) قال ( متى ) قمت فأنت طالق ( أو ) قال ( أي وقت ) قمت فأنت طالق ( أو ) قال ( كلما قمت فأنت طالق أو ) قال ( من ) قامت فهي طالق ( أو ) قال ( أيتكن قامت فهي طالق أو ) قال ( أنت طالق لو قمت فمتى قامت طلقت ) لأن وجود الشرط يستلزم وجود الجزاء وعدمه إلا أن يعارض معارض .

( ولو قام الأربع في مسألة من قامت ) فهي طالق ( أو ) قام الأربع في مسألة ( أيتكن قامت ) فهي طالق ( طلقن كلهن وكذلك إن قال من أقمتها ) فهي طالق ( أو ) قال ( أيتكن أقمتها ) فهي طالق ( ثم أقامهن طلقن كلهن ) لما تقدم من أن من وأي المضافة إلى الشخص يقتضيان عموم ضميرهما فاعلا أو مفعولا ( وعلى قياسه لو قال أي عبدي ضربته ) فهو حر ( أو ) قال ( من ضربته من عبيدي فهو حر وضربهم عتقوا ) كلهم ( كما لو قال أي عبيدي ضربك ) فهو حر ( أو من ضربك من عبيدي فهو حر فضربوه كلهم عتقوا ) كلهم لما تقدم ( وإن تكرر القيام لم يتكرر الطلاق ) لأنها لا تقتضي تكرارا ( إلا في كلما ) فإذا قال كلما قمت فأنت طالق وقامت مرتين وقع طلقتان ، وثلاثا طلقت لأنها تقتضي التكرار [ ص: 288 ] كما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية