إحياء دور الوقف لتحقيق التنمية

الدكتور / أسامة عبد المجيد العاني

صفحة جزء
الفصل الرابع

دور الوقف في تمويل التنمية البشرية

لا يخفى الدور الذي اضطلع به الوقف على مدار التاريخ الإسلامي، بل التاريخ العالمي برمته؛ وفي الوقت الذي ازدهرت فيه (الوقفيات) على نطاق العالم الغربي، حتى لا نكاد نجد مدرسة أو مستشفى أو جامعة إلا ونجد فيه للوقف حصة، يلاحظ انحسار هذا الدور المهم للأوقاف في عالمنا الإسلامي.

من جهة أخرى، أشار البحث في فصله الثاني إلى وجود مشاكل على نطاق بلدان العالم الثالث بشـكل عام، وبلداننا الإسـلامية بشكل خاص، في مجال تمويل التنميـة البشرية، تتمثل في شح الموارد اللازمة للنهوض بالتنمية البشرية، الأمر الذي يبرز الحاجة إلى تفعيل دور الأوقاف في حل هذه المعضلة.

أوضح الفصل الأول أشكال وأنواع الأوقاف، التي أباحها الشارع الحكيم، وقد أثبتت هذه الأشكال دورها الإيجابي في النهوض بالكثير من احتياجات المجتمع في ذلك العصر، ومنها أهداف التنمية البشرية (حسب المفهوم المعاصر) .

فالوقف الأهـلي استطـاع أن يوفر للموقوف عليهم، أقارب كانوا أم أرحاما، غلة دورية منتظمة تمكنهم من سد احتياجاتهم، وتؤمن لهم مبلغا [ ص: 123 ] محددا يمكن أن يفي بكل أو بعض التزاماتهم الاعتيادية. واستطاع الوقف الخيري ولوج الكثير من قطاعات احتياجات المجتمع متمثلة بالنهوض في توفير الملاجئ للأيتام أو من ليس لهم معيل، أو توفير الخانات والحمامات للحجاج وحفر الآبار لتوفير المياه لهم على امتداد طرقهم، ولعل بئر عثمان، رضي الله عنه، أول بئر موقوفة في العهد المدني، التي إذا ما حسبت بمقاييس اليوم يمكن أن تنهض بأهداف التنمية البشرية من حيث النهوض بالمستوى الصحـي، إذ أن توفير الماء الصـالح للشرب يمكن أن يساهم في توفير النظافة والاحتراز من الكثير من الأمراض، وبالتالي الارتقاء بالمستوى الصحي للمجتمع.

لقد استطـاعت الأوقـاف خلال العقود الأخيرة أن تحقق قفزة نوعيـة في بعـض بلـداننا الإسـلامية، وفي مجـالات عدة، إذ نهضت إداريا، وذلك من خلال إنشاء مؤسسـات للأوقاف، وبالتالي النهوض بها على أكثر من مستوى، مما يؤثر إيجابا على أدائها فيما بعد.

كذلك تم إبداع أسـاليب جديدة للأوقاف يمكن أن تشجع المجتمع من حيث المشـاركة فيه.

هذه الأساليب المعاصرة هو ما سيجري استعراضه في هذا الفصل. [ ص: 124 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية