صفحة جزء
1206 - مسألة :

ومن كان له دين حال أو مؤجل فحل فرغب إليه الذي عليه الحق في أن ينظره أيضا إلى أجل مسمى ففعل ، أو أنظره كذلك بغير رغبة وأشهد أو لم يشهد لم يلزمه من ذلك شيء والدين حال يأخذه به متى شاء - وهو قول الشافعي - وهو أيضا قول زفر ، وأبي سليمان ، وأصحابنا .

وكذلك لو أن امرأ عليه دين مؤجل فأشهد على نفسه : أنه قد أسقط الأجل وجعله حالا ، فإنه لا يلزمه ذلك ، والدين إلى أجله كما كان .

برهان ذلك - : أن كل ما ذكرنا فإنه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل وليس شيء من هذا من العقود التي افترض الله تعالى الوفاء بها ، لأن العقود المأمور بالوفاء بها منصوصة الأسماء في القرآن .

ولا خلاف في أن كل العقود لا يلزم الوفاء بها كمن عقد : أن يكفر أو أن يزني .

وكل عقد صح مؤجلا بالقرآن أو السنة ، فلا يجوز البتة إبطال التأجيل إلا بنص آخر .

وكل عقد صح حالا بالقرآن أو السنة ، فلا يجوز ألبتة إبطال الحلول إلا بنص آخر ولا سبيل إلى نص في ذلك - وبالله تعالى التوفيق .

فإن قيل : قد قلتم : إنه إن عجل له ما عليه قبل الأجل إن ذلك لازم له لا رجوع فيه ؟ قلنا نعم ، لأنه قد خرج من حقه وصيره إلى غيره ووهبه ، فهذا جائز ، إذ قد أمضاه ، وأما ما لم يمضه فإنما هو وعد ، وقد قدمنا أن الوعد لا يلزم إنجازه فرضا - وبالله تعالى التوفيق . [ ص: 358 ] وقال مالك : يلزمه التأجيل - وقال أبو حنيفة : إن أجله في قرض لم يلزمه وكان له الرجوع ، ويأخذه حالا ، فإن أجله في غصب غصبه إياه أو في سائر الحقوق - ما عدا القرض - لزمه التأجيل .

وهو قول محمد بن الحسن ، وأبي يوسف ، وروي عن أبي يوسف : أنه إن استهلك له مما يكال أو يوزن ثم أجله به فله أن يرجع في ذلك ، ولا يلزمه التأجيل ، فإن استهلك له شاة أو ثوبا فأجله في قيمتهما لزمه التأجيل .

قال أبو محمد : فهل سمع بأسخف من هذه الفروق .

واحتج بعضهم بأن قال : إن التأجيل في أصل القرض لا يصح - فما زاد هذا المحتج على خلاف الله تعالى في قوله : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى }

قال أبو محمد : وإنما الحجة ما ذكرنا - وبالله تعالى نتأيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية