صفحة جزء
1208 - مسألة :

وهدية الذي عليه الدين إلى الذي له عليه الدين حلال - وكذلك ضيافته إياه ما لم يكن شيء من ذلك عن شرط .

فإن كان شيء عن شرط فهو حرام - : لما روينا من طريق الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح العدوي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، جائزته : يومه وليلته ، والضيافة ثلاثة أيام ، فما كان وراء ذلك فهو صدقة } [ ص: 360 ] وكان عليه السلام يأكل الهدية وقال عليه السلام : { لو أهدي إلي ذراع لقبلت } .

رويناه من طريق شعبة عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا عموم لم يخص عليه السلام من ذلك غريما من غيره .

وقالت طائفة : لا يجوز قبول هديته ، ولا النزول عنده ، ولا أكل طعامه - صح عن ابن عباس إذا أسلفت رجلا سلفا فلا تقبل منه هدية قراع ولا عارية ركوب دابة وأنه استفتاه رجل ؟ فقال له : أقرضت سماكا خمسين درهما وكان يبعث إلي من سمكه ؟ فقال له ابن عباس : حاسبه ، فإن كان فضلا فرد عليه ، وإن كان كفافا فقاصصه .

وصح عن عبد الله بن سلام أنه قال : إذا كان لك على رجل مال فأهدى لك حملة من تبن فلا تقبلها فإنها ربا ، اردد عليه هديته أو أثبه .

وصح عن ابن عمر أنه سأله سائل ؟ فقال له : أقرضت رجلا فأهدى لي هدية فقال : أثبه أو احسبها له مما عليه أو ارددها عليه .

وعن علقمة نحو هذا .

واحتجوا فقالوا : هو سلف جر منفعة - وصح النهي عن هذا عن ابن سيرين ، وقتادة ، والنخعي

قال أبو محمد : أما هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خالفوا ابن عمر ، وابن عباس في مئين من القضايا ، وقد جاء خلافهم عن غيرهم - : روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد ، وخالد الحذاء ، كلاهما عن محمد بن سيرين أن أبي بن كعب تسلف من عمر بن الخطاب عشرة آلاف فبعث إليه أبي من ثمره وكانت تبكر ، وكان من أطيب ثمر أهل المدينة ، [ ص: 361 ] فردها عليه عمر ؟ فقال له : أبي بن كعب : لا حاجة لي بما منعك طيب ثمرتي ، فقبلها عمر ، وقال : إنما الربا على من أراد أن يربي وينسئ .

وبه إلى سفيان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي ، وذكر نهى علقمة عن أكل المرء عند من له عليه دين ؟ فقال إبراهيم : إلا أن يكون معروفا كان يتعاطيانه .

قال أبو محمد : قول عمر بن الخطاب هو الحق لقول النبي صلى الله عليه وسلم { إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى } .

ولو كانت هدية الغريم والضيافة منه حراما أو مكروها لما أغفل الله تعالى بيانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم : { وما كان ربك نسيا } فإذا لم ينه تعالى عن ذلك فهو حلال محض ، وإلا ما كان عن شرط بينهما .

وأما قولهم إنه سلف جر منفعة ، فكان ماذا ؟ أين وجدوا النهي عن سلف جر منفعة ؟ فليعلموا الآن أنه ليس في العالم سلف إلا وهو يجر منفعة وذلك انتفاع المسلف بتضمين ماله ، فيكون مضمونا - تلف أو لم يتلف - مع شكر المستقرض إياه ، وانتفاع المستقرض بمال غيره مدة ما ، فعلى قولهم كل سلف فهو حرام ، وفي هذا ما فيه - وبالله تعالى التوفيق . وتم " كتاب القرض " والحمد لله [ وصلى الله على محمد وآله ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية