صفحة جزء
1380 - مسألة : وإقرار المريض في مرض موته ، وفي مرض أفاق منه لوارث ولغير وارث - نافذ من رأس المال كإقرار الصحيح ولا فرق .

روينا من طريق عبد الرزاق نا بعض أصحابنا عن الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر قال : إذا أقر المريض في مرضه بدين لرجل فإنه جائز - فعم ابن عمر ولم يخص .

ومن طريق ابن أبي شيبة نا ابن علية عن ليث عن طاوس قال : إذا أقر لوارث بدين جاز - يعني في المرض - .

وبه إلى ابن علية عن عامر الأحول قال : سئل الحسن عنه ؟ فقال : أحملها إياه ولا أتحملها عنه .

ومن طريق ابن أبي شيبة نا زيد بن الحباب نا حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء فيمن أقر لوارث بدين ، قال : جائز .

ومن طريق ابن أبي شيبة نا عمر بن أيوب الموصلي عن جعفر - هو ابن برقان - عن ميمون هو ابن مهران - إذا أقر بدين في مرضه ، فأرى أن يجوز عليه ; لأنه لو أقر به - وهو صحيح - جاز وأصدق ما يكون عند موته - وهذا هو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، وأصحابهما .

وقالت طائفة : لا يجوز إقرار المريض أصلا ، كما روينا عن ابن أبي شيبة نا وكيع عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء قال : لا يجوز إقرار المريض بالدين ، وهو قول ياسين الزيات إلا أنه قال : هو من الثلث . وقسمت طائفة - : كما روينا عن شريح أنه كان يجيز اعتراف المريض عند موته بالدين لغير الوارث ، ولا يجيزه للوارث إلا ببينة - وهو قول إبراهيم ، وابن أذينة - صح ذلك عنهما . ورويناه أيضا عن الحكم ، والشعبي - وهو قول أبي حنيفة - إلا أن دين الصحة عنده مقدم على دين المرض . [ ص: 107 ] واتفقوا على أن إقرار الصحيح للوارث ولغير الوارث بالدين جائز من رأس المال - كان له ولد أو لم يكن - .

وقال مالك ، وأبو حنيفة : إن أقر المريض لوارث فأفاق من مرضه فهو لازم له من رأس ماله .

واختلف عن مالك في ذلك إن مات من ذلك المرض فرواية ابن القاسم عنه : أنه لا يجوز ذلك الإقرار - وروى أبو قرة عن مالك : لا يجوز إلا في الشيء اليسير الذي يرى أنه لا يؤثر به لتفاهته .

وروي عن مالك أيضا : أنه إن أقر لوارث بإربه لم يجز إقراره له ، فإن أقر لوارث عاق جاز إقراره له كالأجنبي .

وقال في إقراره لزوجته بدين أو مهر : فإنه إن كان له ولد من غيرها ولم يعرف له انقطاع إلى الزوجة ، ولا ميل إليها فإقراره لها جائز من رأس المال ، فإن عرف له ميل إليها - وكان بينه وبين ولده من غيرها تفاقم - لم يجز إقراره لها .

قال : وليس سائر الورثة في ذلك كالزوجة ; لأنه لا يتهم في الزوجة إذا لم يكن له إليها ميل أن يصرف ماله عن ولده إليها ، قال : فإن ورثه بنون أو إخوة لم يجز إقراره لبعضهم دون بعض في مرضه ، فإن لم يترك إلا ابنة ، وعصبة ، فأقر لبعض العصبة جاز ذلك .

وقال : ولا يجوز إقراره لصديقه الملاطف إذا ورثه أبواه أو عصبته ، فإن ورثه ولد أو ولد ولد : جاز إقراره له .

قال أبو محمد : هذه أقوال مبنية - بلا خلاف - على الظنون الزائغة وعلى التهمة الفاسدة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث } .

وقال الله تعالى : { إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا } .

وكل هذه الأقوال لا تحفظ عن أحد قبله .

ولا يخلو إقرار المريض عندهم إذا اتهموه فيه من أن يكون عندهم هبة أو يكون وصية - : [ ص: 108 ] فإن كان هبة ، فالهبة عندهم لبعض الورثة دون بعض جائزة من رأس المال وما جاء قط فرق بين هبة مريض ولا هبة صحيح .

وإن كان وصية : فوصية الصحيح ، والمريض ، سواء لا تجوز إلا من الثلث - فظهر أن تفريقهم فاسد .

فإن ذكروا حديث عتق الستة الأعبد ، وإقراع النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة ، فليس هذا من الإقرار في شيء أصلا - والإقرار إنما هو إخبار بحق ذكره - وليس عطية أصلا ، ولا وصية - وحديث الستة الأعبد سنذكره إن شاء الله تعالى في " العتق " بإسناده مبينا وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية