صفحة جزء
2262 - مسألة : هل يبادر اللص أم يناشد ؟ قال أبو محمد رحمه الله : نا أحمد بن محمد بن الجسور نا أحمد بن الفضل الدينوري نا محمد بن جرير الطبري نا محمد بن بشار ، ومحمد بن المثنى ، قالا جميعا : نا أبو عامر العقدي نا عبد العزيز بن المطلب عن أخيه الحكم بن المطلب عن أبيه - هو المطلب بن حنطب - بن فهيذ بن مطرف الغفاري { أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله سائل إن عدا علي عاد ؟ فأمره أن ينهاه ثلاث مرات ، قال : فإن أبى علي ؟ فأمره بقتاله } . [ ص: 291 ] وقال عليه السلام : { إن قتلك فأنت في الجنة ، وإن قتلته فهو في النار } .

حدثنا يوسف بن عبد البر النمري نا عبد الله بن محمد بن يوسف بن أحمد الضبي نا العقيلي نا جدي نا يعلى بن أسد العمي نا محمد بن كثير السلمي - هو القصاب - عن يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الدار حرم فمن دخل عليك حرمك فاقتله } ؟ قال أبو محمد رحمه الله : الحديث الأول ليس بالقوي ، ففيه : الحكم بن المطلب ، ولا يعرف حاله - والخبر الثاني فيه : محمد بن كثير القصاب - وهو ذاهب الحديث ، وليس بشيء ؟ قال أبو محمد رحمه الله : والمعتمد عليه في الأخبار التي صدرنا بها في " كتابنا في المحاربين " من إباحة القتل دون المال وسائر المظالم ، لكن إن كان على القوم المقطوع عليهم ، أو الواحد المقطوع عليه ، أو المدخول عليه منزله في المصر - ليلا أو نهارا - في أخذ ماله ، أو في طلب زنا : أو غير ذلك ، مهلة ، فالمناشدة فعل حسن ، لقول الله تعالى { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } فإن لم يكن في الأمر مهلة ، ففرض على المظلوم أن يبادر إلى كل ما يمكنه به الدفاع عن نفسه - وإن كان في ذلك إتلاف نفس اللص والقاطع من أول وهلة - فإن كان على يقين من أنه إن ضربه ولم يقتله ارتدع ، فحرام عليه قتله .

فإن لم يكن على يقين من هذا ، فقد صح اليقين بأن مباحا له الدفع والمقاتلة ؟ فلا شيء عليه إن قتله من أول ضربة أو بعدها قصدا إلى مقتله أو إلى غير مقتله ; لأن الله تعالى قد أباح له المقاتلة والمدافعة قاتلا ومقتولا . - وبالله تعالى التوفيق .

فأما لو كان اللص من الضعف بحيث لا يدافع أصلا ، أو يدافع دفاعا يوقن معه أنه لا يقدر على قتل صاحب الدار فقتله صاحب المنزل فعليه القود ; لأنه قادر على منعه بغير القتل ، فهو متعد .

حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عبد البصير نا قاسم بن أصبغ نا [ ص: 292 ] محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا موسى بن إسماعيل نا سفيان الثوري عن مسلم الضبي قال : قال إبراهيم النخعي : إن خشيت أن يبتدرك اللص فابدره ؟ قال أبو محمد رحمه الله : وهذا نظير قولنا - والحمد لله رب العالمين ؟ قال أبو محمد رحمه الله : نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن معمر قال : قلت للزهري : إن هشام بن عروة أخبرني أن عمر بن عبد العزيز - إذ هو عامل على المدينة في زمان الوليد بن عبد الملك - قطع يد رجل ضرب آخر بالسيف ؟ فضحك الزهري وقال لي : أو هذا مما يؤخذ به ؟ إنما كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز أن يقطع يد رجل ضرب آخر بالسيف ؟ قال الزهري : فدعاني عمر بن عبد العزيز واستفتاني في قطعه ؟ فقلت له : أرى أن يصدقه الحديث ، ويكتب إليه : { أن صفوان بن المعطل ضرب حسان بن ثابت بالسيف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقطع النبي - عليه السلام - يده } وضرب فلان فلانا بالسيف زمن مروان فلم يقطع مروان يده ، وكتب إليه عمر بذلك ، فمكث حينا لا يأتيه رجع كتابه - ثم كتب إليه الوليد : أن حسانا كان يهجو صفوان ويذكر أمه ونساء أخر ، قد قاله الزهري . وذكرت : أن مروان لم يقطع يده ، ولكن عبد الملك قطع يده ، فاقطع يده ؟ قال الزهري : فقطع عمر يده - وكان من ذنوبه التي كان يستغفر الله تعالى منها ؟ قال أبو محمد رحمه الله : إن كان رفع السيف على سبيل إخافة الطريق فهو محارب ، عليه حكم المحارب ، وإن كان لعدوان فقط ، لا قطع طريق - فعليه القصاص فقط ، إلى المجروح ، فإن لم يكن هنالك جرح فلا شيء إلا التعزير فقط - وبالله تعالى التوفيق

التالي السابق


الخدمات العلمية