صفحة جزء
وإذا أسلمت الذمية ووالت رجلا ولها ولد صغير من رجل ذمي لم يكن ولاء ولدها لمولاها في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - وفي قياس قول أبي حنيفة : رحمه الله تعالى يكون ولاء ولدها لمولاها ، فمنهم من جعل هذه المسألة قياس ولاية التزويج ، أن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يثبت ذلك للأم على ولدها الصغير حتى يصح عقدها ولا يتعلق به صفة اللزوم حتى يثبت للولد خيار البلوغ ، فكذلك يصح هذا العقد منها في حق الولد ; لأنه لا يتعلق به صفة اللزوم بنفسه وعندهما ليس للأم ولاية التزويج مع اختلاف في الرواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى هناك ، وكذلك ولاء الموالاة ، والأظهر أن هذه مسألة على حدة . ووجه قولهما : أن حكم الولاء يثبت بعقد فيستدعي على الإيجاب والقبول ، ويتردد بين المنفعة والمضرة ، والولد بعد الانفصال لا يكون تبعا للأم في مثل هذا العقد ، ولا يكون لها عليه ولاية المباشرة لهذا العقد كعقد الكتابة . وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : ولاء الموالاة إما أن يعتبر بالإسلام من حيث إنه يترتب عليه عادة ، أو بولاء العتاقة فإن اعتبر بالإسلام فالولد الصغير يتبع أمه في الإسلام ، فكذا في هذا الولاء ، وإن اعتبر بولاء العتاقة فالولد يتبع أمه فيه إذا لم يكن له ولاء من جانب أبيه ; وهذا لأنه يتمحض منفعة في حق هذا الولد ; لأنه ما دام حيا فمولاه يقوم بنصرته ويعقل جنايته ، وإذا بلغ قبل أن يعقل جنايته كان له أن يتحول عنه إن شاء ، فعرفنا أنه منفعة محضة في حقه ، فيصح من الأم كقبول الهبة والصدقة بخلاف عقد الكتابة فإن فيه إلزام الدين في ذمته ، ولا يتمحض منفعة في حقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية