صفحة جزء
( قال ) ويستحب لشاهدي السرقة أن لا يشهدا عليه بذلك ليندرئ به الحد عندنا لما جاء في الحديث { ادرءوا الحدود ما استطعتم } ، وهذا خطاب لكل من تمكن من ذلك ، ولأنه بالامتناع من أداء الشهادة يقصد إبقاء الستر عليه وأنه مندوب إليه ، ولكن هذا إذا رد السارق المتاع فإن أبى ذلك وقال صاحب المتاع : إذا يذهب متاعي وسعهما أن يشهدا أنه متاع هذا أخذه هذا من غير أن يذكرا السرقة ; لأنهما ندبا إلى الستر عليه ونهيا عن كتمان الشهادة التي تتضمن إبطال حق المسلم فالطريق الذي يعتدل فيه النظر من الجانبين هذا ، وهو أن يشهدا بلفظ الأخذ دون السرقة ليكون الآخذ مجبرا على رد العين حال قيامها وعلى رد القيمة عند هلاكها فيتوصل صاحب المتاع إلى حقه ولا ينتهك ستر الآخذ وهما صادقان في هذه الشهادة ، فالسارق أخذ المتاع لا محالة .

وكل من كان في يده شيء أو في بيته فأخذه إنسان وسع الشاهدان أن يشهدا أنه لفلان الذي كان في يديه ; لأنه لا طريق لمعرفة الملك إلا اليد ; لأنه ، وإن عاين الشراء فالمشتري لا يملك إلا باعتبار ملك البائع ، ولا يعرف ملكه إلا باعتبار يده ، وكذلك الاحتطاب والاحتشاش وسائر الأسباب إنما يوجب الملك باعتبار اليد ، وهذا ; لأن إحراز الشيء يكون باليد وبالإحراز يثبت الملك ، وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى لا يسعه أن يشهد له بالملك ، ولو رآه في يده إلا أن يراه يتصرف فيه ، ولا يمنعه أحد منه ; لأن الأيدي قد تتنوع قد تكون يد ملك وقد تكون يد أمانة وقد تكون يد غصب ، ولكنا نقول : لا معتبر بهذه الزيادة فاليد مع التصرف تتنوع أيضا ، ألا ترى أن الوكيل [ ص: 147 ] والمضارب متصرف ؟ وفي الكتاب قال : الشاهد يبني على الظاهر ، فإن ما وراءه غيب لا يعلمه إلا الله تعالى ، ألا ترى أنه لو تزوج امرأة بين يدي الشهود كان لهم أن يشهدوا بالنكاح بينهما ؟ وإن كان من الجائز أنها كانت منكوحة الغير أو وقعت الفرقة بينهما بعد العقد ، وشهود الدين يسعهم أن يشهدوا عليه بعد زمان ولعل البراءة وقعت عنه بالاستيفاء أو الإبراء

التالي السابق


الخدمات العلمية