صفحة جزء
( فروع )

جهلت مقادير معاليم وظائفه أو مستحقيه اتبع ناظره عادة من تقدمه وإن لم يعرف لهم عادة سوى بينهم إلا أن تطرد العادة الغالبة بتفاوت بينهم فيجتهد في التفاوت بينهم بالنسبة إليها ولا يقدم أرباب الشعائر منهم على غيرهم هذا إن لم يكن الموقوف في يد غير الناظر وإلا صدق ذو اليد بيمينه في قدر حصة غيره كما يصرح به قولهم لو تنازعوا في شرطه ولأحدهم يد صدق بيمينه فإن لم يعرف مصرفه صرف لأقرباء الواقف [ ص: 260 ] نظير ما مر ومن أقر بأنه لا حق له في هذا الوقف فظهر شرط الواقف بخلافه فالصواب كما قاله التاج السبكي أنه لا يؤاخذ بإقراره .

وقد يخفى شرط الواقف على العلماء فضلا عن العوام وسبقه لذلك والده في فتاويه فقال لا عبرة بإقرار مخالف لشرط الواقف بل يجب اتباع شرطه نصا كان أو ظاهرا ثم الإقرار إن كان لا احتمال له مع الشرط أصلا وجب إلغاؤه لمخالفته الشرع ، ومن شرط الإقرار أن لا يكذبه الشرع وإن كان له احتمال ما وآخذناه به ولم يثبت حكمه في حق غيره بل يحمل الأمر فيه أي الغير على شرط الواقف انتهى وأفتى غيره بأنه يقبل إقراره في حق نفسه مدة حياته قال بعضهم : ويؤخذ منه ما أفتى به البدر بن شهبة أن ذلك حيث لم يعلم المقر شرط الواقف الصريح في اختصاصه بالوقف وإلا أوخذ بإقراره لتضمنه رد الوقف وتكذيب البينة الشاهدة باختصاصه ومع ذلك لا يثبت للمقر له إلا أن يكون الواقف شرطه له بعد انتقاله عن المقر وتقبل دعواه جهله لشرط الواقف ورجوعه عن الإقرار المبطل لحقه ما لم يحكم حاكم به للمقر له لما مر من صحة رجوع راد الوقف صريحا ما لم يحكم حاكم برده فكيف برده احتمالا ؟ ولو وقف أرضا على قراء وجعل غلتها لهم فزادت عما كانت عليه في زمن الواقف استحقوا الزائد بنسبة أنصبائهم كما أفتى به بعضهم وأيده بقول الماوردي لو وقف دارا على زيد وعمرو على أن لزيد منها النصف ولعمرو الثلث اقتسماها على خمسة أسهم ويرجع السدس الفاضل بينهما بالرد فيكون لزيد ثلاثة أخماسها ولعمرو خمساها ونازعه البلقيني في السدس بأن الذي يتجه أنه يرجع عليهما بالسوية بينهما وفيه نظر بل الذي يتجه بطلان الوقف فيه ؛ لأنه بالنسبة له منقطع الأول


حاشية ابن قاسم

( قوله : ولا يقدم أرباب الشعائر منهم على غيرهم ) في فتاوى السيوطي مسألة إذا عجز الوقف عن توفية جميع المستحقين فهل يقدم منه الشعائر والشيخ أو لا ؟ الجواب ينظر في هذا الوقف فإن كان أصله من بيت المال كمدارس الديار المصرية وخوانقها روعي في ذلك صفة الأحقية من بيت المال فإن كان في أرباب الوظائف من هو بصفة الاستحقاق من بيت المال ومن ليس كذلك قدم الأولون على غيرهم كالعلماء وطلبة العلم وآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانوا كلهم بصفة الاستحقاق منه قدم الأحوج فالأحوج والأفقر فالأفقر فإن استووا كلهم في الحاجة قدم الآكد فالآكد فيقدم المدرس أولا ثم المؤذن ثم الإمام ثم المقيم وإن كان الوقف ليس مأخذه من بيت المال اتبع فيه شرط الواقف فإن لم يشترط تقديم أحد لم يقدم أحد بل يقسم بين جميع أهل الوقف بالسوية والشعائر وغيرهم . ا هـ .

وما ذكره فيما إذا كان الوقف من بيت المال مما حاصله عدم الاعتداد بوقف أموال بيت المال بسط بعد ذلك ما يوافقه ومثل بصلاح الدين بن أيوب والقلاوونية لكن ذكر قبل ما يخالفه فإنه سئل عن وقف صدر من صلاح الدين بن أيوب بسط نقلا ومعنى ما حاصله الاعتداد به ولزومه وعدم جواز التعرض له وقوله : في القسم الثاني [ ص: 260 ] فإن لم يشترط تقديم أحد أي أو جهل كما هو ظاهر ( قوله : لما مر إلخ ) تقدم في صحة الرجوع خلاف فعلى المنع هل يجري هنا أو يفرق بين الرد صريحا والرد احتمالا ( قوله : بل الذي يتجه إلخ ) هذا ظاهر لو كان [ ص: 261 ] قال وقفت نصفها على زيد وثلثها على عمرو بخلاف ما لو قال وقفتها عليهما على أن لزيد النصف ولعمرو الثلث كما هو ظاهر العبارة

حاشية الشرواني

( قوله : جهلت إلخ ) أي لو جهلت إلخ ( قوله : أو مستحقيه ) عطف على وظائفه ويحتمل على مقادير إلخ وإن لم يساعده الخط وعلى هذا فقوله : فإن لم تعرف لهم عادة إلخ تفريع على جهل المقادير وقوله الآتي فإن لم يعرف مصرفه إلخ تفريع على جهل المستحقين ( قوله : بالنسبة إليها ) أي إلى العادة الغالبة ( قوله : أرباب الشعائر ) كالمدرسين والمؤذنين والأئمة ( قوله : لو تنازعوا إلخ ) عبارة المغني ولو اندرس شرط الواقف وجهل الترتيب بين أرباب الوقف والمقادير بأن لم يعلم هل سوى الواقف بينهم أو فاضل قسمت الغلة بينهم بالسوية لعدم الأولوية وإن تنازعوا في شرطه ولا بينة ولأحدهم يد صدق بيمينه لاعتضاد دعواه باليد فإن كان الواقف حيا عمل بقوله بلا يمين أو ميتا فوارثه فإن لم يكن فناظره من جهة الواقف لا المنصوب من جهة الحاكم ولو وجد الوارث والناظر فالناظر كما قاله الأذرعي ولو وقف على قبيلة كالطائيين أجزأ ثلاثة منهم فإن قال وقفت على أولاد علي وجعفر وعقيل اشترط ثلاثة من كل منهم ويدخل في الوقف على الفقراء الغرباء وفقراء أهل البلد [ ص: 260 ] ا هـ .

( قوله : نظير ما مر ) أي في منقطع الآخر ( قوله : وأخذناه إلخ ) جواب وإن كان إلخ وفي القاموس يقال آخذه بذنبه مؤاخذة ولا تقل واخذه . ا هـ . وقال شارحه واخذه بالواو لغة اليمن وقرئ بها في القرآن ا هـ .

( قوله : ويؤخذ منه ) أي مما قاله التاج السبكي ( قوله : أن ذلك ) بيان لما والإشارة إلى ما مر من عدم المؤاخذة بالإقرار ( قوله : في اختصاصه ) أي المقرر ( قوله : بالوقف ) الباء داخلة على المقصور ( قوله : لتضمنه ) أي الإقرار ( قوله : وتكذيب إلخ ) عطف على رد إلخ ( قوله : ومع ذلك إلخ ) أي المؤاخذة ( قوله : وتقبل إلخ ) عطف على لا يثبت إلخ ( قوله : ورجوعه إلخ ) عطف على دعواه ( قوله : لما مر إلخ ) تقدم في صحة الرجوع خلاف فعلى المنع هل يجري هنا أو يفرق بين الرد صريحا والرد احتمالا ؟ . ا هـ . سم ولعل الفرق أقرب .

( قوله : ولو وقف أرضا إلخ ) يظهر أنه مصور بما إذا عين لكل شيء مقدر حتى يحتاج إلى قياسه على مسألة الماوردي وأيضا فلو كانت وقفا عليهم من غير تقدير لكان استحقاقهم لما زاد في الريع واضحا لا غبار عليه ا هـ سيد عمر ( قوله : فزادت ) أي الغلة ( عما كانت ) أي الأرض ( قوله : بل الذي يتجه إلخ ) هذا ظاهر لو كان قال وقفت نصفها على زيد وثلثها على عمرو وبخلاف ما لو قال وقفتها عليهما على أن لزيد النصف ولعمرو الثلث كما هو ظاهر العبارة . ا هـ . سم

( قوله : وفيه نظر ) أي في مقالة الماوردي ومقالة البلقيني

التالي السابق


الخدمات العلمية