ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائتين

ذكر غزوات المسلمين في جزيرة صقلية

في هذه السنة سار الفضل بن جعفر الهمداني في البحر ، فنزل مرسى مسيني ، وبث السرايا ، فغنموا غنائم كثيرة ، واستأمن إليه أهل نابل ، وصاروا معه ، وقاتل الفضل مدة سنتين واشتد القتال ، فلم يقدر على أخذها ، فمضى طائفة من العسكر ، واستداروا خلف جبل مطل على المدينة ، ( فصعدوا إليه ، ونزلوا إلى المدينة ) وأهل البلد مشغولون بقتال جعفر ومن معه ، فلما رأى أهل البلد أن المسلمين دخلوا عليهم من خلفهم ، انهزموا ، وفتح البلد .

وفيها فتحت مدينة مسكان

وفي سنة تسع وعشرين ومائتين خرج أبو الأغلب العباس بن الفضل في سرية ، فبلغ شرة ، فقاتله أهلها ( قتالا شديدا ) ، فانهزمت الروم ، وقتل منهم ما يزيد على عشرة آلاف رجل ، واستشهد من المسلمين ثلاثة نفر ، ولم يكن بصقلية قبلها مثلها .

ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن يزيغ

في هذه السنة كانت حرب بين موسى عامل تطيلة وبين عسكر عبد الرحمن أمير الأندلس ، والمقدم عليهم الحارث بن يزيغ .

وسبب ذلك أن موسى بن موسى كان من أعيان قواد عبد الرحمن ، وهو العامل على مدينة تطيلة ، فجرى بينه وبين القواد تحاسد سنة سبع وعشرين ، وقد ذكرناه ، فعصى موسى بن موسى على عبد الرحمن ، فسير إليه جيشا ، واستعمل عليهم الحارث بن يزيغ والقواد ، فاقتتلوا عند برجة ، فقتل كثير من أصحاب موسى ، وقتل ابن عم له ، وعاد الحارث إلى سرقسطة ، فسير موسى ابنه ألب بن موسى إلى برجة ، فعاد الحارث إليها ، وحصرها ، فملكها ، وقتل ابن موسى ، وتقدم إلى أبيه ، فطلبه ، فحضر ، فصالحه موسى على أن يخرج عنها ، فانتقل موسى إلى أرنيط .

وبقي الحارث يتطلبه أياما ، ثم سار إلى أرنيط ، فحصر موسى بها ، فأرسل موسى إلى غرسية ، وهو من ملوك الأندلسيين المشركين ، واتفقا على الحارث ، واجتمعا ، وجعلا له كماين في طريقه ، واتخذ له الخيل والرجال بموضع يقال له : بلمسة على نهر هناك ، فلما جاء الحارث النهر خرج الكمناء عليه ، وأحدقوا به ، وجرى معه قتال شديد ، وكانت وقعة عظيمة ، وأصابته ضربة في وجهه ، فلقت عينيه ، ثم أسر في هذه الوقعة .

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة أعطى الواثق أشناس تاجا ووشاحين .

وفيها غلا السعر بطريق مكة ، فبلغ الخبز كل رطل بدرهم ، وراوية الماء بأربعين درهما ، وأصاب الناس في الموقف حر شديد ، ثم أصابهم مطر فيه برد ، واشتد البرد عليهم بعد ساعة من ذلك ( الحر ) وسقطت قطعة من الجبل عند جمرة العقبة ، فقتلت عدة من الحجاج .

وحج بالناس محمد بن داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية